فمن
العلماء من يقول: هذه الآية تأكيد للآيات السابقة، ﴿وَلِلۡمُطَلَّقَٰتِ﴾: يعني المطلقات قبل الدخول، سواء سُمِّي لهن مهر أو لم
يُسمَّ. كما سبق.
وقيل:
لا، الآية عامة، حتى المدخول بها لها متعة.
والله
جل وعلا قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ
ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ
وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا﴾ [الأحزاب: 28]، السَّراح
يعني الطلاق. والشاهد في قوله: ﴿أُمَتِّعۡكُنَّ﴾،
فدل على أن المُطلَّقة تُمتَّع، وإن كانت دُخل بها وأخذت الصداق كاملاً أو أخذت
نصفه، فلها المتعة بما يُطيِّب خاطرها، وبما يتناسب مع حال الزوج المُطلِّق.
وهذا
هو الظاهر أن الآية عامة، وأن كل مُطلَّقة لها متعة، بمعنى أن
مُطلِّقها يعطيها شيئًا من المال على حَسَب يسره وعسره؛ ولهذا قال: ﴿بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ﴾ [البقرة: 236]، أي: بالشيء الذي يتعارف عليه الناس في
مجتمعهم وفي وقتهم. فقوله: ﴿بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ﴾
مثل قوله: ﴿عَلَى
ٱلۡمُوسِعِ قَدَرُهُۥ وَعَلَى ٱلۡمُقۡتِرِ قَدَرُهُۥ﴾
[البقرة: 236].
ثم
قال جل وعلا: ﴿حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ﴾
[البقرة: 241]، مصدر، منصوب على المصدرية لفعل محذوف: «حَقَّ ذلك حقًّا» على مَن؟
على المتقين، الذين يتقون الله جل وعلا، ويتقون غضبه، ويتقون عقابه، فيمتثلون أوامر
الله عز وجل.
فدل
على أن الذي لا يُمتِّع مُطلَّقته أنه ليس من المتقين. وهذا فيه وعيد شديد ﴿حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ﴾.
ثم قال جل وعلا: ﴿كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ﴾ [البقرة: 242]،