×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

عاتيًا قويًّا، ما يَصلح أن يقابله بجبناء ورعاديد وضعفاء، ما يَصلح؛ فلذلك أجرى الله على يده هذا الاختبار.

فقال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَرٖ [البقرة: 249]، أي: مختبركم ﴿بِنَهَرٖ، ستمرون بنهر. قيل: إنه حول الأردن، نهر حول الأردن، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَرٖ [البقرة: 249]، نهر عذب، وسيصيبهم العطش إذا مروا عليه، من الابتلاء والامتحان، يصيبهم عطش شديد إذا مروا بالنهر.

﴿إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَرٖ فَمَن شَرِبَ مِنۡهُ فَلَيۡسَ مِنِّي [البقرة: 249]؛ لأن هذا دليل على أنه ما يصبر، ﴿وَمَن لَّمۡ يَطۡعَمۡهُ فَإِنَّهُۥ مِنِّيٓ[البقرة: 249]، هذا دليل على صبره، الذي صبر على العطش وعلى الظمأ هذا دليل على صبره وتحمله. إذا صبر على العطش وعلى الظمأ فسيصبر على القتال.

﴿إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَرٖ [البقرة: 249]، يعترض طريقكم وأنتم عطشى، شديدو العطش، ﴿فَمَن شَرِبَ مِنۡهُ فَلَيۡسَ مِنِّي [البقرة: 249]، أَتَبَرَّأُ منه ولا يَصلح أن يصحبنا للجهاد، ﴿وَمَن لَّمۡ يَطۡعَمۡهُ [البقرة: 249]، يعني: يَذُقْه، ﴿فَإِنَّهُۥ مِنِّيٓ إِلَّا مَنِ ٱغۡتَرَفَ غُرۡفَةَۢ بِيَدِهِۦۚ [البقرة: 249]، رَخَّص لهم في غُرْفة فقط.

فلما مروا على النهر، ما الذي حصل؟

﴿فَشَرِبُواْ مِنۡهُ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ [البقرة: 249]، شربوا، ما صبروا، ﴿إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ هم الذين صبروا على الظمأ وامتنعوا عن الشرب؛ لأنهم يعلمون أن هذا ابتلاء وامتحان، فصبروا على الظمأ ولم يشربوا وهم عطشى، ﴿فَشَرِبُواْ مِنۡهُ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ [البقرة: 249]، شرب الكثير منهم، والقليل لم يشربوا.


الشرح