عاتيًا
قويًّا، ما يَصلح أن يقابله بجبناء ورعاديد وضعفاء، ما يَصلح؛ فلذلك أجرى الله على
يده هذا الاختبار.
فقال
الله تعالى: ﴿إِنَّ
ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَرٖ﴾ [البقرة: 249]، أي: مختبركم ﴿بِنَهَرٖ﴾، ستمرون بنهر. قيل: إنه حول الأردن، نهر حول الأردن، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم
بِنَهَرٖ﴾ [البقرة: 249]، نهر عذب،
وسيصيبهم العطش إذا مروا عليه، من الابتلاء والامتحان، يصيبهم عطش شديد إذا مروا
بالنهر.
﴿إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَرٖ فَمَن شَرِبَ مِنۡهُ فَلَيۡسَ مِنِّي﴾
[البقرة: 249]؛ لأن هذا دليل على أنه ما يصبر، ﴿وَمَن لَّمۡ يَطۡعَمۡهُ فَإِنَّهُۥ مِنِّيٓ﴾
[البقرة: 249]، هذا دليل على صبره، الذي صبر على العطش وعلى الظمأ هذا دليل
على صبره وتحمله. إذا صبر على العطش وعلى الظمأ فسيصبر على القتال.
﴿إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَرٖ﴾ [البقرة: 249]، يعترض
طريقكم وأنتم عطشى، شديدو العطش، ﴿فَمَن شَرِبَ مِنۡهُ فَلَيۡسَ مِنِّي﴾
[البقرة: 249]، أَتَبَرَّأُ منه ولا يَصلح أن يصحبنا للجهاد، ﴿وَمَن لَّمۡ يَطۡعَمۡهُ﴾ [البقرة: 249]، يعني: يَذُقْه، ﴿فَإِنَّهُۥ مِنِّيٓ إِلَّا مَنِ ٱغۡتَرَفَ غُرۡفَةَۢ بِيَدِهِۦۚ﴾ [البقرة: 249]، رَخَّص لهم في غُرْفة فقط.
فلما
مروا على النهر، ما الذي حصل؟
﴿فَشَرِبُواْ مِنۡهُ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ﴾ [البقرة: 249]، شربوا، ما صبروا، ﴿إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ﴾ هم الذين صبروا على الظمأ وامتنعوا عن الشرب؛ لأنهم يعلمون أن هذا ابتلاء وامتحان، فصبروا على الظمأ ولم يشربوا وهم عطشى، ﴿فَشَرِبُواْ مِنۡهُ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ﴾ [البقرة: 249]، شرب الكثير منهم، والقليل لم يشربوا.