إذًا
تَبَيَّن الصالح للجهاد من غير الصالح، صار الكثير من هذا الجيش لا يَصلح، والقليل
هو الذي يصلح، ﴿إِلَّا
قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ﴾،
فالذين شربوا رَدَّهم، والذين لم يشربوا اختارهم معه.
﴿فَلَمَّا جَاوَزَهُۥ﴾
[البقرة: 249]، يعني: جاوز النهر، تعداه ﴿هُوَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ﴾
[البقرة: 249]، الذين لم يشربوا وصبروا، وهم قلة، لكنهم كثيرون بالعزم والقوة
والصبر.
والشاعر
يقول:
والناس ألف منهم كواحد وواحد كالألف إن أمر عَنَى
فهم
وإن كانوا قلة إلا أن الواحد منهم بألف.
﴿فَلَمَّا جَاوَزَهُۥ هُوَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ قَالُواْ لَا
طَاقَةَ لَنَا ٱلۡيَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦۚ﴾
[البقرة: 249] جالوت ملك جبار، ومعه جيوش جبارة، ومعه أسلحة؛ وهؤلاء قلة. ﴿لَا طَاقَةَ لَنَا
ٱلۡيَوۡمَ بِجَالُوتَ﴾، الذي هو
ملك الكفار، ﴿وَجُنُودِهِۦۚ﴾ [البقرة: 249]، خافوا.
﴿قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ ٱللَّهِ﴾ [البقرة: 249] الذين صبروا وعزموا على الجهاد ﴿قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ﴾، يعني: يتيقنون. والظن يطلق على اليقين أحيانًا. وقوله:
﴿يَظُنُّونَ﴾، أي: يتيقنون، كما في قوله تعالى: ﴿وَٱسۡتَعِينُواْ
بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ ٤٥ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَأَنَّهُمۡ
إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ﴾ [البقرة:
45- 46] أي: يتيقنون ﴿أَنَّهُم
مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَأَنَّهُمۡ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ﴾
[البقرة: 46]
فالظن يطلق أحيانًا ويراد به اليقين. أما في الغالب فالظن دون اليقين. الظن هو التردد بين أمرين أحدهما أرجح من الآخر. هذا هو الظن، التردد بين أمرين أحدهما أرجح من الآخر. أما إذا تساوى