×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

الأمران فهذا شَكٌّ، فالشك هو التردد بين أمرين ليس أحدهما أرجح من الآخر. أما الظن فأن يكون أحد الأمرين أرجح من الآخر، وهذا ليس مرادًا هنا. المراد هنا اليقين الذي ليس فيه تردد.

﴿قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ ٱللَّهِ [البقرة: 249] في اليوم الآخر، ملاقو الله في اليوم الآخر بعد البعث.

الإنسان إذا آمَن بالبعث هان عليه كل شيء في هذه الدنيا. إنما يتخوف الذي عنده ضعف في الإيمان بالبعث، الذي عنده ضعف في الإيمان هو الذي يتخوف. أما الذي عنده قوة إيمان بالبعث ولقاء الله، فإنه لا يهمه شيء في هذه الدنيا أبدًا؛ لأنه يريد الآخرة، ما يريد الدنيا ولا يريد الحياة، يريد الآخرة والجنة، بأي ثمن وبأي سبيل، هذا قصده. والحياة عنده في سبيل الله ما هي بشيء، الشهادة عنده أغلى من الحياة لقوة إيمانه.

﴿قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ [البقرة: 249]، يعني: لا يهمكم القلة والكثرة، ولكن انظروا إلى الإيمان الذي في قلوبكم، واليقين الذي في قلوبكم، فإن كان عندكم إيمان بالله فإن الله سيكون معكم. إن كان عندكم صبر فإن الله سيكون معكم.

قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ [الأنفال: 46] فالله مع الصابرين، المعية الخاصة معية النصر والتأييد.

وقال عز وجل: ﴿إِن يَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن يَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ [آل عمران: 160].

فليست العبرة بالقلة والكثرة، إنما العبرة باليقين والصبر في اللقاء، فمَن صَبَر احتسابًا لوجه الله، فإن الله معهم ولو كانوا قليلين.


الشرح