﴿كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ﴾
[البقرة: 249] محتسبة صابرة ﴿غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ [البقرة: 249].
انظر،
﴿وَٱللَّهُ مَعَ
ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ [البقرة: 249]، هذه هي
المعية الخاصة معية النصر والتأييد.
فالعبرة
بالصبر، وليست العبرة بالكثرة، العبرة بالصبر قد يكون الناس كثيرين، ولكنهم لا
يصبرون؛ فلا فائدة من كثرتهم، قد يكونون قليلين ويكون الله معهم، فيكون النصر لهم ﴿كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ [البقرة: 249].
وهذا
حصل لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، ﴿قَدۡ كَانَ لَكُمۡ ءَايَةٞ فِي فِئَتَيۡنِ ٱلۡتَقَتَاۖ فِئَةٞ
تُقَٰتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخۡرَىٰ كَافِرَةٞ يَرَوۡنَهُم مِّثۡلَيۡهِمۡ﴾ [آل عمران: 13] مرتين ﴿رَأۡيَ ٱلۡعَيۡنِۚ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصۡرِهِۦ مَن يَشَآءُۚ
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ﴾
[آل عمران: 13].
نَصَر
الله المسلمين يوم بدر، وهم ثلاثمائة وبضعة عَشَر، والكفار يَزيدون على الألف
ومعهم قوة ومعهم أسلحة، والمسلمون ما معهم إلا قليل، ثلاثمائة وبضعة عَشَر يقابلون
أكثر من الألف! ونَصَرهم الله عز وجل؛ لأنهم صابرون موقنون بالله عز وجل ﴿كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ [البقرة: 249].
هذا
فيه أن المسلمين يجب أن يوطنوا أنفسهم عند اللقاء، أن يوطنوا
أنفسهم ولا يصيبهم الخوف أو الرعب، بل يكونون مُوطِّنين أنفسهم؛ لأنهم في سبيل
الله عز وجل، إن قُتِلوا فهم شهداء، وإن نَصَرهم الله عادوا بالنصر. فهم كما قال
تعالى: ﴿قُلۡ
هَلۡ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلَّآ إِحۡدَى ٱلۡحُسۡنَيَيۡنِۖ﴾ [التوبة: 52] إما الشهادة وإما النصر.