فدل
على أن الجهاد شريعة قديمة، لا كما يقول أهل الضلال والمغرضون واليهود والنصارى: «إن
الإسلام دين قتال وسفك دماء!! » وينكرون أن الجهاد كان مفروضًا عليهم من قبل.
الجهاد
شريعة قديمة؛ لإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، وإبطال الشرك والكفر. وليس هو في
هذه الأمة المحمدية فقط، بل هو مِن قبلهم.
قال
تعالى: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلۡجُنُودِ﴾
[البقرة: 249].
﴿فَصَلَ﴾، يعني:
خرج من البلد، انتهى الأمر وترتب الجيش والقيادة، خرج بهم من البلد، خرج بالجيش من
البلد. ولكن مع هذا لم يثق بهذا الجيش؛ لأن فيه خَوَرًا وفيه جبنًا وفيه ضعفًا.
والجهاد
ما يصلح له الجبان والرعديد والمنافق وضعيف الرأي، ما يصلح للجهاد؛ فلذلك أجرى
الله عليهم امتحانًا يميز الصادق الصابر القوي من الضعيف الرعديد الجبان الذي لا
يصلح للجهاد.
قالوا:
وهذا فيه دليل على أن قائد الجيش ينظر فيه، إذا خرج من البلد واجتمع حوله الجيش،
ينظر فيه فيمنع المُخذِّل ويمنع المُرْجِف، لا يُمكِّنه من الخروج مع الجيش؛ لأنه
يثبط الهمم ويُخوِّف الناس.
كما
قال الله تعالى في المنافقين: ﴿لَوۡ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمۡ إِلَّا خَبَالٗا وَلَأَوۡضَعُواْ خِلَٰلَكُمۡ يَبۡغُونَكُمُ ٱلۡفِتۡنَةَ وَفِيكُمۡ
سَمَّٰعُونَ لَهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ﴾
[التَّوبة: 47]، فالله مَنَع المنافقين من الخروج مع رسول الله محمد صلى الله عليه
وسلم؛ لأنهم فيهم شر، لو خرجوا مع الجيش لأثروا على ضعاف العقول وضعاف الإيمان، ﴿وَفِيكُمۡ سَمَّٰعُونَ
لَهُمۡۗ﴾ [التوبة: 47]، يسمعون
كلامهم، ويتأثرون بكلامهم. فالله مَنَعهم.
فكذلك طالوت، أراد أن يُمحِّص هذا الجيش؛ لأنه سيَلْقَى عدوًّ