﴿تَحۡمِلُهُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُۚ﴾ [البقرة: 248]، ما جاء يحمله أحد أو دواب أو بشر؛ وإنما
جاءت به الملائكة ووضعته عند هذا المَلِك، ﴿تَحۡمِلُهُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُۚ﴾
تشريفًا له.
فهذا
من بركات هذا المَلِك وأول منافع هذا المَلِك، أن الله رَدَّ عليهم بسببه هذا
التابوت الذي فقدوه، وكان له مكانة عندهم. فهذا أول بركات هذا الملك ومنافع هذا
الملك. ورَدُّ التَّابوت عليه علامة على أن الله اختاره، فرَدُّ التابوت معجزة
للنبي، لنبي بني إسرائيل، كرامة لهذا المَلِك، معجزة لنبيهم، وكرامة لمَلِكهم.
﴿أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ﴾ [البقرة: 248] التابوت الذي فقدتموه وأخذه الأعداء،
فهذا أول النصر ﴿وَبَقِيَّةٞ
مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَىٰ وَءَالُ هَٰرُونَ تَحۡمِلُهُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُۚ﴾ [البقرة: 248].
﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ﴾
[البقرة: 248]، أي: رجوع التابوت، ﴿لَأٓيَةٗ لَّكُمۡ﴾ [البقرة:
248] أي: علامة على صحة اختيار هذا المَلِك، وأنه مَلِك حقًّا من عند الله عز وجل،
وأن الله هو الذي اختاره، بدليل أن الله رَدَّ التابوت عليه، ﴿إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ [البقرة: 248]، إن كنتم تُصَدِّقون بالآيات والمعجزات
والكرامات، فهذه آية ومعجزة. فالذي لا يؤمن بالمعجزات هذا ليس بمؤمن بالله عز وجل.
فدل على أن الذي ينكر المعجزات - معجزات الأنبياء أو كرامات الأولياء - أنه ليس
بمؤمن ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ
لَأٓيَةٗ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾
[البقرة: 248].
وكما أسلفنا في هذا دليل على أن الجهاد ليس خاصًّا بهذه الأمة المحمدية، بل هو في الشرائع السابقة، من عهد موسى عليه السلام، حين خرج بقومه من مصر إلى بيت المقدس ليُخلِّصها من الكفار.