×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

الشفاعة معناها: طلب الخير للغير. والشفاعة هي الوساطة في قضاء الحاجة عند مَن هي عنده، تتوسط لأحد في قضاء حاجته عند من هي عنده. هذه هي الشفاعة.

والشفاعة تكون عند الخلق بعضهم مع بعض، وتكون عند الله جل وعلا.

فالشفاعة عند الخلق إذا كانت في تحصيل مصلحة، فهي محمودة. وإن كانت في تحصيل مفسدة فإنها مذمومة، ﴿مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ وَمَن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةٗ سَيِّئَةٗ يَكُن لَّهُۥ كِفۡلٞ مِّنۡهَاۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقِيتٗا [النساء: 85]، هذا عند الخلق.

أما الشفاعة عند الله جل وعلا، فهي مِلك له جل وعلا؛ ﴿قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعٗاۖ [الزمر: 44].

لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه. أما الخلق فيشفع الشافعون عندهم وإن لم يأذنوا، وقد يكون لا يرضى أن أحدًا يشفع عنده، ولكن لا يستأذنونه في الشفاعة. أما الله جل وعلا فإنه لعظمته لا أحد يشفع عنده إلا بعد أن يأذن سبحانه وتعالى للشافع بأن يشفع.

﴿مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ [البقرة: 255]: أي: لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه، فإذا أَذِن للشافع فإنه يشفع. هذا من خصائصه سبحانه وتعالى.

إذًا الذين يطلبون الشفاعة من الأموات، ويطلبون الشفاعة من الأصنام، ويطلبونها من غير الله - مخطئون غاية الخطأ؛ لأنهم يطلبون منهم شيئًا لا يملكونه؛ لأنه مِلْك لله جل وعلا.

وكان الواجب أن تُطلب الشفاعة من الله جل وعلا، يقول: اللهم شَفِّع فيَّ نبيك محمدًا صلى الله عليه وسلم. اللهم شَفِّع فيَّ عبادك الصالحين.

تطلب الشفاعة من الله. ولا تطلب من الميت، لا نبي ولا غير نبي،


الشرح