﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ﴾،
هذا نفي ﴿وَسِعَ
كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ﴾
[البقرة: 255]، هذا إثبات.
الكرسي:
مخلوق عظيم، وهو غير العرش، مخلوق عظيم أعظم من السموات، وهو دون العرش، وقد جاء
أنه موضع القدمين، وجاء في الحديث أن السموات السبع والأرَضين السبع في الكرسي -
كحَلْقة ملقاة في أرض فلاة. مثل سبعة دراهم أُلقيت في تُرْس، لسَعة الترس. فالكرسي
يسع السموات والأرض، هو أكبر منها.
﴿وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ﴾ [البقرة: 255]، والعرش فوق الكرسي، وهو أعلى المخلوقات،
والكرسي على سَعته في العرش مثل الحَلْقة الملقاة في فلاة، تعرفون الحلقة إذا
أُلقيت في فلاة من الأرض، ماذا تكون في الفلاة؟ تكون صغيرة جدًّا، فالكرسي على
سَعته يسع السموات والأرض، هو بالنسبة للعرش كالحَلْقة في فلاة!! هذه مخلوقات الله
عظيمة، لا يعلم عِظمها وسَعتها إلا الله سبحانه وتعالى.
﴿وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ وَلَا ئَُودُهُۥ
حِفۡظُهُمَاۚ﴾ [البقرة: 255]، «لا يئوده»:
يعني لا يَكْرُثه ولا يُثقله، فالله جل وعلا يحفظ السموات والأرض ومن فيهن، ولا
يشق ذلك عليه سبحانه وتعالى، ﴿وَلَا ئَُودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ﴾:
يعني لا يُثقله حفظهما. ﴿إِنَّ
ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ
أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا﴾ [فاطر: 41].
﴿وَلَا ئَُودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ﴾ [البقرة: 255]، هذا نفي المشقة عنه سبحانه، أنه لا يشق عليه شيء؛ لأنه قادر على كل شيء، وإذا أراد شيئًا فإنما يقول له: «كن فيكون»، فكل شيء عليه يسير سبحانه وتعالى؛ لكمال قدرته ولعظيم سلطانه جل وعلا.