×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ [البقرة: 255] انفرد الله عز وجل بعلم الغيب ﴿قُل لَّا يَعۡلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَيۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ وَمَا يَشۡعُرُونَ أَيَّانَ يُبۡعَثُونَ [النمل: 65]، الله انفرد بعلم الغيب. فالذي يدَّعي علم الغيب كافر؛ لأنه يدَّعي مشاركة الله في شيء من خصائصه عز وجل. أو مَن يدَّعي أن أحدًا يعلم الغيب فهو كافر؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله ﴿وَلِلَّهِ غَيۡبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ [هود: 123]، لا يعلم الغيب إلا الله ﴿قُل لَّا يَعۡلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَيۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ وَمَا يَشۡعُرُونَ أَيَّانَ يُبۡعَثُونَ [النمل: 65]، مَن في السموات والأرض كلهم لا يعلمون الغيب إلا الله عز وجل، فهذا من خصائص الله.

والغيب: ما غاب عنا في الماضي أو المستقبل. هذا هو الغيب، ﴿عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ [المؤمنون: 92]، الشهادة: الشيء الحاضر. والغيب: هو الشيء الماضي أو المستقبل، لا يعلمه إلا الله.

لكن الله عز وجل يُطْلِع أنبياءه على شيء من علم الغيب؛ من أجل الدلالة على صدق رسالتهم، ومن أجل منفعة الخلق ﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦ إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا [الجن: 26، 27].

فالله يُطْلِع نبيه ورسوله على شيء من الغيب، الرسول ما عَلِم هذا من نفسه، وإنما لأن الله أطلعه عليه ﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦ إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا.

وهنا يقول: ﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ [البقرة: 255] ﴿بِمَا شَآءَۚ فأطلع عليه أو أحاط به أحدًا من خلقه من رسله وأنبيائه - عليهم الصلاة والسلام -.


الشرح