×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

 في الدار الآخرة والسعادة في الدنيا والآخرة، فليؤمن. ومَن أراد البقاء على الكفر والضلال، فإن أمامه جهنم والنار والعياذ بالله، بئس ما اختار لنفسه.

وهذا فيه دليل على أن العباد يُسْلِمون ويؤمنون ويفعلون بإرادتهم ومشيئتهم واختيارهم، لا يجبرون على ذلك.

ففي هذا رَدٌّ على الجبرية الذين يقولون: إنَّ العبد مجبور مُحرَّك، ليس له اختيار.

هذا باطل، بل العبد له مشيئة وله اختيار، يختار الهداية أو يختار الضلال، باختياره، هو الذي يركع ويصلي ويصوم ويتصدق باختياره، وهو الذي يعصي ويزني ويسرق ويَقتل باختياره، ما أحد يجبره على ذلك، هو الذي يُقدِّم، والثواب والعقاب يتعلق بإرادته ومشيئته.

أما المجنون وأما الذي ليس عنده عقل ولا تفكير؛ فهذا لا يؤاخذ، إنما يؤاخذ العاقل الذي له اختيار وله تمييز وله معرفة، هذا هو الذي يثاب أو يعاقب على أفعاله.

﴿لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ [البقرة: 256]، وهذا لا يتعارض مع أن الله أَمَر بالجهاد؛ لأن الجهاد ليس من أجل الإكراه على الدين، وإنما الجهاد لأجل إزالة الكفر ومنع الكافر من أن ينشر الكفر في الأرض، ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ [الأنفال: 39].

فلا تعارض بين قوله تعالى: ﴿لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ [البقرة: 256] وبين الأمر بالجهاد - جهاد الكفار -؛ لأن الكفار لو تُرِكوا بدون جهاد لحاولوا إزالة الإسلام من الأرض وآذَوا المسلمين كما هو واقع الآن!!

لما تعطَّل الجهاد ماذا ترون من تجرؤ الكفار على


الشرح