×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

 أجاب؛ لأن هذين الاسمين يتضمنان جميع أسماء الله وصفاته.

ثم قال عز وجل: ﴿لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ [البقرة: 255] والسِّنة هي النوم الخفيف. والسِّنة هي النُّعاس الذي يصيب الإنسان وهو جالس أو وهو يمشي.

﴿وَلَا نَوۡمٞۚ وهو النوم المستغرق الذي يزول معه الإحساس.

والنوم نوع من الموت، وهو الوفاة الصغرى ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُم بِٱلَّيۡلِ وَيَعۡلَمُ مَا جَرَحۡتُم بِٱلنَّهَارِ [الأنعام: 60]، فالنوم وفاة صغرى، يُتوفَّى الإنسان في النوم ثم يُبعَث في اليقظة، اليقظة بَعْث، والنوم وفاة لكنها وفاة صغرى.

هذا منفي عن الله، الله منزَّه عن النوم ومنزَّه عن النُّعاس؛ لأن النوم والنعاس صفتا نقص، والله كامل الحياة، حيٌّ الحياة الكاملة التي لا يعتريها نقص، ومن النقص السِّنة والنوم؛ فلذلك نَزَّه نفسه عنها سبحانه وتعالى. وفي الحديث: «إِنَّ الله لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ» ([1]).

لأنه عز وجل هو الذي يُمسك السموات والأرض أن تزولا، ويدبر الأمور في كل لحظة ﴿كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ [الرحمن: 29]، يدبر الأمور؛ فلا يليق به أن ينام سبحانه وتعالى. ﴿لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ [البقرة: 255].

قلنا لكم: هذه الآية عظيمة؛ لأنها تشتمل على عَشْر جمل، كل جملة فيها كمال لله أو نفي للنقص عن الله عز وجل.

﴿لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ كلهم عبيده، جميع مَن في السموات والأرض من المخلوقات من الملائكة والآدميين والجن والحيوانات، وجميع ما في الكون والجبال والأرض والأشجار


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (179).