×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

فالمخلوق الذي بيده أو عنده حوائج الناس كالملوك والأمراء والأغنياء - يَتوسط عندهم الشفعاء في قضاء حوائج الناس.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ» ([1]).

والله عز وجل يقول: ﴿مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ وَمَن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةٗ سَيِّئَةٗ يَكُن لَّهُۥ كِفۡلٞ مِّنۡهَاۗ [النساء: 85]، هذه عند المخلوق.

ويُستحب لمن عنده جاه وعنده حظوة عند الأغنياء أو عند الملوك أو الأمراء، يُستحب له أن يشفع للناس ويقضي حوائجهم، هذا من فعل الخير.

ولا يَشفع في المعاصي أو إسقاط الحدود، حرام، ما يجوز لأحد أن يشفع في إسقاط الحدود.

ولما أراد أسامة بن زيد رضي الله عنه أن يشفع عند الرسول صلى الله عليه وسلم في إسقاط الحد - حد السرقة - عن امرأة، قال: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ»، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» ([2])، هذه شفاعة سيئة والعياذ بالله.

وفي الحديث: «إِذَا بَلَغَتِ الْحُدُودُ السُّلْطَانَ، فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفِّعَ» ([3])، لا يجوز الشفاعة في الحدود.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1432).

([2])أخرجه: البخاري رقم (3475) ومسلم رقم (1688).

([3])أخرجه: مالك رقم (29)، والدارقطني رقم (3467)، والطبراني في الصغير رقم (158).