×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

وفي الحديث الآخر: «لَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا» ([1])، أي: دَافَع عنه، دَافَع عن المُحْدِث المجرم الذي عليه حد من حدود الله، أو الذي يتعدى على الناس بسفك الدماء، الذي يشفع له هذا ملعون: «لَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا».

هذه شفاعة سيئة والعياذ بالله، ولا تجوز.

أما الشفاعة الحسنة، فهي الشفاعة في قضاء حوائج الناس التي يحتاجونها؛ كإقراض معسر، أو صدقة على محتاج... أو غير ذلك من الأمور التي فيها نفع للناس وليس فيها تَعَدٍّ.

هذه هي الشفاعة عند الخَلْق. أما الشفاعة عند الله عز وجل فهي الدعاء، دعاؤه سبحانه وتعالى في أن يعطي المحتاج حاجته.

وذلك بأن تذهب إلى رجل صالح وتطلب منه أن يدعو الله، لكن تقول: يا فلان، ادعُ الله أن يرزقني مالاً، أن يرزقني ولدًا. هذه شفاعة عند الله. والله سبحانه وتعالى أَذِن بها، والله أَمَر بالدعاء، فتذهب إلى إنسان صالح حاضر حي تطلب منه الدعاء، ما فيه مانع.

أما أنك تطلب من الميت أو من الغائب، أو من الجن أو من الإنس، أو من الملائكة - فهذا لا يجوز، لا يجوز طلب الدعاء من الغائب، ولا من الميت.

وإنما تطلب الدعاء من مسلم حاضر عندك، تقول: ادعُ الله لي بكذا وكذا.

والله عز وجل يقول: ﴿مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ [البقرة: 255].


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1978).