﴿وَسَۡٔلِ ٱلۡقَرۡيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا
فِيهَا﴾ [يوسف: 82]، أي: اسأل الناس الذين كانوا في القرية، ما
يسأل المباني، يسأل الناس. فالقرية عبارة عن الناس.
وسُمِّيت
المباني قرية من إطلاق اسم المحل على الحالِّ، وهو الإنسان. وهذا ليس خاصًّا في
الإنسان، بل يقال: «قرية النمل» أيضًا، لماذا؟ لأن النمل اجتمع فيها.
﴿مَرَّ عَلَىٰ قَرۡيَةٖ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا﴾
[البقرة: 259]: أي: على أهل قرية.
وهذه
القرية هجم عليها عدو لأهلها، فأبادهم جميعًا وهدم مبانيهم، فأصبحت خاوية على
عروشها، يعني: صارت أسقفها ساقطة على الأرض، «عروشها» يعني أسقفها. فأصبحت هذه
القرية على هذا الشكل، خاوية على عروشها، ليس فيها حي، كل أهلها ماتوا، ومبانيها
متهدمة.
فكأنه
يتحدى الله عز وجل، هذا الكافر يتحدى الله، فيقول: ﴿أَنَّىٰ يُحۡيِۦ هَٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ﴾
[البقرة: 259]، مَن يحيي هذه بعد موتها؟ أي: كيف يحييها وهي قد فنيت؟! وهذا مِثل قول
الكافر: ﴿مَن
يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ﴾ [يس: 78].
فينكر
قدرة الله جل وعلا، أنَّى يحيي هذه الله: أي القرية، بعد موتها.
فالله جل وعلا أراد أن يريه آية من نفسه هو قبل القرية، أماته الله مئة عام، مئة سنة، حتى تفرقت عظامه وتمزق لحمه، والحمار الذي معه أيضًا مات، وتشتتت عظامه وتفرقت. أما الطعام الذي معه فلم يتغير، معه فواكه ومعه طعام، لم يتغير مئة سنة.