×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

 سؤال استفهام، ألست قد آمنتَ أن الله يحيي الموتى ﴿قَالَ بَلَىٰ [البقرة: 260].

وليس هذا سؤال استفهام، وإنما هو سؤال تقرير، أي: قد علمتَ أن الله يحيي الموتى، فما هو الغرض من سؤالك؟ إذًا أنت متيقن أن الله يحيي الموتى فلماذا تسأل هذا السؤال؟

قال إبراهيم عليه السلام: بلى أنا مؤمن بأنك تحيي الموتى ﴿وَلَٰكِن لِّيَطۡمَئِنَّ قَلۡبِيۖ [البقرة: 260] يَزيد الإيمان؛ لأن الإيمان يَزيد وينقص، فعين اليقين أرفع من علم اليقين، فهو عليه الصلاة والسلام طلب زيادة الإيمان. فالمسلم دائمًا يطلب زيادة الإيمان؛ ولهذا قال أهل العلم: الإيمان يَزيد وينقص. يتفاوت في الناس، يَزيد حتى يصل إلى عين اليقين، وهذه هي المنزلة التي طلبها إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

﴿قَالَ بَلَىٰ [البقرة: 260] أنا آمنتُ بأنك تحيي الموتى، لكن غرضي من هذا السؤال ﴿لِّيَطۡمَئِنَّ قَلۡبِيۖ [البقرة: 260] الطُّمأنينة هي السكون، سكون القلب ودفع ما قد يعترضه من الوساوس. القلب المطمئن والنفس المطمئنة هي المستقرة على الإيمان، التي لا ينازعها شك ولا وسوسة. فهذه هي النفس المطمئنة، وهذا هو القلب المطمئن الذي لا تَرِد عليه شكوك ووساوس وأوهام، بل هو مستقرٌّ ثابت على ما فيه من العلم والبصيرة.

﴿لِّيَطۡمَئِنَّ قَلۡبِيۖ يعني: ليزداد إيماني حتى أصل إلى درجة الطُّمأنينة وعين اليقين.

وهذا منتهى درجات الإيمان، عين اليقين، والشاعر يقول:

فما راءٍ كمن سمعا


الشرح