×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

وقال تعالى: ﴿وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا [الإنسان: 8]، وقال تعالى: ﴿وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ [الحشر: 9].

فلاحظ في صدقتك حينما تخرجها أن تكون مما يُنتفع به، على الأقل تكون من المتوسط، والأحسن أن تكون من الجيد، سواء كانت زكاة أو تطوعًا، تكون من الجيد ولا تكون من الرديء، الرديء لا يُقبل ولا يجزئ، وإنما تكون من المتوسط بين الجيد والرديء. هذا هو الواجب، وإن أخرجت من الجيد فهو أحسن. أما أن تُخرج الرديء الذي لا تريده لنفسك، فهذا لا يقبله الله، الله غني عنه.

﴿وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ [البقرة: 267] أي: تقصدوه. بعض الناس إذا صار عنده ثياب تالفة، أو عنده طعام فاسد، أو كما يسمونه «فائت تاريخه، منتهٍ تاريخه» يقول: تصدقوا به، أعطوه المحتاجين. وهو لو أُعطي إياه ما يرغب فيه، فكيف يرغبه للناس المحتاجين ولا يرغبه هو؟!

﴿وَلَسۡتُم بِ‍َٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ فِيهِۚ [البقرة: 267] إلا على مَضَض، فكيف ترضى للناس أو ترضى لله عز وجل ما لا ترضاه لنفسك؟!

﴿وَلَسۡتُم بِ‍َٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ فِيهِۚ اجعل نفسك ميزانًا، هل أنت تقبل هذا لو أعطاك إياه أحد، أو ما تقبله؟ إن كنت تفرح به وتقبله فتصدق به. وإن كنت لا تريده ولا ترغب فيه فلا تتصدق منه؛ «إِنَّ الله طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا» ([1]).

﴿وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِ‍َٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ فِيهِۚ [البقرة: 267] لو دفعه لكم أحد ما تأخذونه إلا على مَضَض، تأخذه وأنت


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1015).