×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

 بها، وليس له أولاد كبار يعملون عليه وينفقون عليه، والمال الذي بين يديه تلف.

هذا مَثَل الذي يعمل الأعمال الصالحة، ثم يُسلِّط عليها ما يتلفها من الذنوب والسيئات والمظالم للناس.

فهذا فيه التخويف للمسلم، أن يخاف على أعماله مما يصيبها ويتلفها عليه بعدما تعب فيها، وهو بحاجة إليها.

تصوروا حالة هذا الشخص الذي أصابه الكِبَر، وله ذرية ضعفاء، وتلفت جنته، ليس عنده غيرها، ماذا تكون حاله؟

كذلك الإنسان في الآخرة، إذا جاء يوم القيامة ومعه أعمال صالحة كثيرة، لو سَلِمت لنجا بها من النار. ولكن عليه مظالم للناس، عليه ديون للناس، عليه حقوق للناس، يقتصون من أعماله، فلا يبقى له شيء، فيؤمر به إلى النار.

كما جاء في الحديث أن ناسًا يأتون يوم القيامة، يأتي أحدهم بأعمال أمثال الجبال «فَيَأْتِي وَقَدْ ضَرَبَ هَذَا، وَقَدْ ظَلَمَ هَذَا، وَأَخَذَ مَالَ هَذَا، وَقَدْ شَتَمَ هَذَا، فَيُؤْخَذ لِهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَلِهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ، أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِين فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، فَطُرِحَ فِي النَّارِ» ([1]). والعياذ بالله.

﴿فَأَصَابَهَآ إِعۡصَارٞ فِيهِ نَارٞ فَٱحۡتَرَقَتۡۗ [البقرة: 266] هذا مثال للمؤمن الذي يأتي يوم القيامة بأعمال كثيرة، لكن يكون عليه مظالم للناس، وحقوق للناس، لم يؤدِّها في الدنيا، تساهل فيها حتى أدركه الموت وهي عليه، لا تضيع، تؤخذ من حسناته.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (2581).