×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأَِخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَِخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ - يعني: يوم القيامة -، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ» ([1]).

فليَحذر الإنسان على أعماله من هذه الآفات.

وقد جاء في الحديث أن «الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ» ([2]).

فليحذر الإنسان من هذه الأمور التي تبطل أعماله، أو تذهب بثوابها يوم القيامة أحوج ما يكون إليها.

وأظنه الآن اتضح المثال، والله عز وجل يضرب الأمثال للناس، فيصور الأمور الغائبة في أمور مُشاهَدة حتى يعرفوها.

فهو سبحانه وتعالى صَوَّر حالة الإنسان يوم القيامة حينما يأتي بحسنات وأعمال صالحة وتؤخذ منه وتذهب عليه - مَثَّلها بهذا الرجل الذي له جنة فيها من كل الثمرات، ثم إنه عَرَض له آفات جعلته مُعْدَمًا ليس له شيء من المال في حالة الكِبَر وحالة ضعف الأولاد، هذا مثال واضح.

﴿كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ [البقرة: 266] الله يبين الآيات آيات الوحي المنزَّل، يُبيِّن معانيها بالأمثلة التي يضربها للناس حتى يتصوروها على حقيقتها.

ثم قال عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّآ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِۖ وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِ‍َٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ فِيهِۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [البقرة: 267] ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6534).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (4903).