هذا
نداء للمؤمنين؛ لأنهم هم الذين يمتثلون ويستمعون له. أما الكافر فإنه لا يستمع
لنداء الله ولا ينتفع به؛ فلذلك خَصَّ الله المؤمنين بهذا النداء تشريفًا لهم،
ولأنهم هم الذين ينتفعون بأوامر الله ويستمعون لندائه ويُصغون لتوجيهاته لهم
سبحانه وتعالى.
﴿أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ﴾
[البقرة: 267] هذا أيضًا فيه بيان نوع آخر من ثواب الصدقة، إضافة إلى ما مر من
الأنواع السابقة؛ وذلك أنه أَمَر سبحانه وتعالى بالإنفاق من طيبات ما كسبتم.
والطيب يشمل الطيب في ذاته، وهو النوع الجيد، بخلاف النوع الرديء. ويشمل الطيب في
اكتسابه بأن يكون من كسب حلال لا من كسب حرام، فالله لا يقبل الصدقة من الكسب
الحرام، كما أنه لا يقبل الصدقة من الكسب الرديء الذي لا ينفع، لا يقبل الرديء ولا
يقبل الحرام.
فتكون
صدقة الإنسان من مال طيب، يعني جيد في ذاته. وأيضًا هو من كسب حلال لا من كسب
الحرام؛ كالربا والسرقة وثمن المحرمات الذي يحصل من بيع المحرمات والمواد المحرمة؛
هذا خبيث، لا يتقبله الله إذا تصدق منه الإنسان، وإذا أكل منه لا تُقبل له دعوة،
كما قال صلى الله عليه وسلم في الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء:
يا رب يا رب!! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنَّى
يستجاب لذلك؟!
«لذلك»
يعني: لا يستجاب له، فالحرام يمنع قَبول الدعاء؛ لأنه خبيث.
قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ الله أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ