×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ [المؤمنون: 51] وقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ [البقرة: 172] » ([1]).

والله عز وجل يقول: ﴿أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ [البقرة: 267] ﴿كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ [البقرة: 172] أَمَرك أن تأكل من الطيبات، وأَمَرك أن تنفق من الطيبات، هذا ما أَمَرك الله به، ونهاك أن تنفق من الخبيث، سواء كان خبيثًا في نوعه كالرديء، أو خبيثًا في مكسبه ووصوله إليه؛ كأن يكون من كسب حرام، وما أكثر أنواع الكسب الحرام إلا من رحم الله عز وجل.

﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ [البقرة: 267] وقلنا: «الطيبات» تشمل الطيب في نفسه، بأن يكون من النوع الجيد المفيد الذي ينفع المُتصدَّق عليه، ويشمل الطيب في مكسبه. فلا بد من الأمرين في النفقة - يعني في الصدقة -، تكون طيبة في ذاتها، وطيبة في مكسبها ﴿أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ بالحرفة، بالتجارة، بالبيع والشراء، وجوه الكسب كثيرة، ﴿مَا كَسَبۡتُمۡ يعني ما حصلتم عليه بسبب الكسب والحرفة والبيع والشراء.

﴿وَمِمَّآ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِۖ [البقرة: 267] وذلك من الحبوب والثمار والفواكه... وغير ذلك مما ينفع الناس، صدقة واجبة كالزكاة، أو صدقة تطوع وتبرعات.

فإذا تصدقتَ، سواء زكاة أم تطوع، فتلاحظ هذا، تلاحظ أن تكون صدقتك من طيبات ما حصلت عليه بالكسب المباح، ومن طيبات ما حصلت عليه من غلَّة، من غلَّة الأرض، مزرعتك، أشجارك، تخرج من النوع الجيد لا من الرديء.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1015).