×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

الأمر الثاني: أن تتصدق عليه وتعفيه من المال؛ لأنه ضعيف وفقير ولا يستطيع، فعفوك عنه صدقة، عفوك عنه صدقة في سبيل الله عز وجل يكتبها الله لك حسنة عنده.

والعفو أحسن من الإنظار ﴿وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ [البقرة: 280] وأن تعفوا عن الدَّين الذي على المعسر خير لكم من الإنظار إلى الميسرة.

﴿إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ [البقرة: 280] أي: إن كنتم تعلمون ما أعد الله لمن أنظر معسرًا أو عفا عنه - ما له من الثواب عند الله سبحانه وتعالى.

يُروى أن رجلاً كان يداين الناس، وتُوفِّي، قبضه الله جل وعلا وقال لملائكته: حاسبوه. فقالوا له: هل لك من حسنة؟ قال: لا، إلا أني كنت أداين الناس فأعفو عن المحتاج والمعسر، أتجاوز عنهما، أقول لعمالي: تجاوزوا عنهم لعل الله أن يتجاوز عنِّي!! قال الله جل وعلا: «أَنَا أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْكَ» ([1]).

فعفا الله عنه وأدخله الجنة؛ بسبب أنه كان يعفو عن المعسرين ويُسقط الدين عنهم، صار هذا سببًا لدخوله الجنة.

ولهذا قال: ﴿وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ [البقرة: 280] من إنظار المعسر.

أما إذا حل الدَّين وكان المَدين قادرًا على الوفاء لكنه مماطل؛ فهذا لا يجوز لك أن تَزيد الدَّين عليه مثل المعسر، لا يجوز زيادة الدَّين بحال من الأحوال، هذا يؤمر بالقضاء؛ لأنه ما يُعْذَر، قال صلى الله عليه وسلم: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ ([2]) يُحِلُّ عِرْضَهُ، وَعُقُوبَتَهُ» ([3]).


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3451)، ومسلم رقم (1560).

([2])أخرجه: البخاري رقم (2400).

([3])أخرجه: أبو داود رقم (3628)، والنسائي رقم (4689)، وأحمد رقم (19463).