×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

فنقول له: لم تمحق بمعنى الإتلاف، ولكنها ممحوقة من ناحية البركة وانتفاع صاحبها منها. فهي ممحوقة.

وتَكدُّسها ونموها وتضخمها عذاب عليه ﴿وَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَأَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ[التوبة: 85]، فهي عذاب على أصحابها.

وأيضًا: تضخمها زيادة في عذابهم في الآخرة!! هي لو كانت قليلة صار عذابها أخف، لكن إذا كانت أرصدة ضخمة وأموالاً طائلة فهذا يشدد عذاب أصحابها يوم القيامة. فالمرابي ليس في خير أبدًا.

﴿وَيُرۡبِي ٱلصَّدَقَٰتِۗ [البقرة: 276] أي: يَزيد ويضاعف الصدقات.

﴿وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة: 276] مبالغة في الكفر، والكفر معناه كفر النعمة، ليس الكفر الاعتقادي.

فالمرابي لا يَكفر ما دام لم يستحلّ الربا، وإنما يَتعامل به وهو يعترف أنه حرام، فإنه لا يَكفر بذلك كفرًا اعتقاديًّا يُخرج من الملة؛ لكنه يَكفر النعمة نعمة ربه عليه، بخلاف المتصدِّق؛ فإنه يشكر نعمة ربه عليه، وهذا يَكفر نعمة ربه عليه، فلا يتصدق ولا ينفق، ولا ينفع أحدًا حتى نفسه، لا ينفع نفسه، ولا مَن تحت يده.

أما إذا استحل الربا، وقال: الربا حلال. كما قال الكفار: ﴿إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْۗ [البقرة: 275]، فهذا يَكفر الكفر الاعتقادي المُخرج من الملة - والعياذ بالله -؛ لأنه مكذِّب لله ولرسوله ولإجماع المسلمين.

فالذي يقول: إن الربا وسيلة اقتصادية، ولا يقوم الاقتصاد إلا على الربا، والدول الكبرى يقوم اقتصادها على الربا، وليس فيه شيء.

فهذا كافر الكفر الاعتقادي.


الشرح