×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

﴿مَا بَقِيَ [البقرة: 278] لكم في ذمم الناس من ديون الربا؛ لأنه لا عذر لكم حينئذٍ، بعد نزول القرآن وبلوغ الموعظة، لا عذر لكم، اتركوه لا تأخذوه؛ لأنه حرام. ﴿وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَوٰٓاْ [البقرة: 278].

ولهذا خَطَب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وقال: « أَلاَ إِنَّ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ»، ربا الجاهلية موضوع لا يُطالَب به، « تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَأَوَّلُ رِبًا أَبْدَأَ بِهِ رِبَا عَمِّيَ الْعَبَّاس» ([1])، ربا عمي العباس موضوع ولا يجوز أخذه.

﴿وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَوٰٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [البقرة: 278] إن كنتم مؤمنين بوعد الله ووعيده.

في أول الآية يقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ [البقرة: 278] وفي ختامها يقول: ﴿إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [البقرة: 278].

فالمؤمن لا يتجاوز أوامر الله ونواهيه، يقف عند حدود الله سبحانه وتعالى. هذا هو المؤمن إذا كان إيمانه قويًّا. أما إذا كان إيمانه ضعيفًا فقد يتجاوز شيئًا من حدود الله؛ لضعف إيمانه.

فدلَّ على أن الذي يتعامل بالربا بعد تحريمه وبعد أن سمع القرآن وبلغه القرآن واستمر يتعامل بالربا - أنه ليس بمؤمن، ليس بمؤمن بصريح هذه الآية.

﴿فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ [البقرة: 279] فإن لم تتركوا ما بقي من الربا وأخذتموه واسترجعتموه من ذمم الناس بعدما بلغتكم حجة القرآن. فإن لم تفعلوا ولم تتركوا ما بقي من الربا ﴿فَأۡذَنُواْ بِحَرۡبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ[البقرة: 279] «ائذنوا» يعني اعلموا.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1218).