×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

 عليه ومحاسبه، وقد يُعجِّل له النقمة والعقوبة في الدنيا إذا جحد حقوق الناس وأبى أن يعترف بها، فإن الله ربه سيجازيه على ذلك، ﴿وَلۡيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥ [البقرة: 282].

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا يَبۡخَسۡ مِنۡهُ شَيۡ‍ٔٗاۚ [البقرة: 282] لا يبخس المَدين شيئًا من الدَّين ويجحده، بل يعترف ويُقر بالدين كله.

﴿وَلَا يَبۡخَسۡ مِنۡهُ شَيۡ‍ٔٗاۚ لا ينقص منه شيئًا.

﴿وَلَا يَبۡخَسۡ مِنۡهُ شَيۡ‍ٔٗاۚ أي: من الحق الذي عليه وينقص ويجحد بعضه، فلا يكفي أن يعترف بالبعض ويجحد البعض الآخر، بل لا بد أن يعترف بالجميع؛ لأن هذا شيء في ذمته.

ولمَّا كان المَدين قد لا يستطيع الإملاء لعارض عَرَض له، فإنَّ وَلِيَّه يقوم مقامه وينوب عنه في الإملاء على الكاتب وإطلاع الشهود؛ ولهذا قال: ﴿فَإِن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيۡهِ ٱلۡحَقُّ سَفِيهًا [البقرة: 282] والسفيه هو خفيف العقل، الذي ليس عنده ضبط، ويبذِّر الأموال، وقد يعترف بشيء ليس هو في ذمته؛ فيبذر ماله، هذا سفيه، الذي يبذر المال سفيه، يعني خفيف العقل لا يضبط، هذا لا يملي، لا يصلح أن يملي؛ لأنه لا يضبط الإملاء، وهذا محجور عليه في أمواله لئلا يضيعها، فربما يعترف بمال ليس هو في ذمته؛ لأنه ليس عنده عقل.

﴿فَإِن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيۡهِ ٱلۡحَقُّ سَفِيهًا أَوۡ ضَعِيفًا [البقرة: 282] يعني: الصغير الذي لم يبلغ. فهذا يقوم وليُّه مقامه.

﴿أَوۡ لَا يَسۡتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ [البقرة: 282] هو عاقل وكبير، لكنه لا يستطيع الإملاء؛ لأنه أخرس مثلاً لا ينطق، لا يستطيع الكلام، أو به مانع من الكلام.


الشرح