×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

الله، ﴿قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ٥٣ وَأَنِيبُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ [الزمر: 53، 54].

﴿أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ [البقرة: 286]، وفي الحديث: «عُفِيَ لأُِمَّتِي الْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ([1])، فالشيء الذي لم تتعمَّده هذا مغفور، خطأ مغفور؛ ولذلك إذا اجتهد المجتهد، يعني: العالم العامل إذا اجتهد في مسألة أو قضيَّة وبذل جهده: فإن صادف الحقَّ فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد؛ لأنه يريد الحق ولكنه لم يصادفه، فيؤجر على اجتهاده ونيَّته الصالحة وما بذله من الوسع والاجتهاد، ففضل الله واسع سبحانه وتعالى.

﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَيۡنَآ إِصۡرٗا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِنَاۚ [البقرة: 286] الإصر: هو الشيء الثقيل، لا تحمِّلنا شيئًا ثقيلاً لا نستطيعه.

  ﴿كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِنَاۚ [البَقَرَة: 286]  مَنْ هم؟

اليهود والنصارى، حمَّلهم الله آصارًا وأغلالاً بسبب تمرُّدهم على الله وأنبيائه وعلى تشدُّدهم. شدَّد الله عليهم وحرَّم عليهم طيبات أحلت لهم، كلفهم شيئًا شاقًّا في المآكل والمطاعم، قال تعالى: ﴿وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٖۖ [الأنعام: 146] تضييقًا عليهم، ﴿وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ وَٱلۡغَنَمِ حَرَّمۡنَا عَلَيۡهِمۡ شُحُومَهُمَآ إِلَّا مَا حَمَلَتۡ ظُهُورُهُمَآ أَوِ ٱلۡحَوَايَآ أَوۡ مَا ٱخۡتَلَطَ[الأنعام: 146] أما الشحم المختلط مع اللحم هذا


الشرح

([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (2045)، وابن حبان رقم (7219)، والحاكم رقم (2801).