ثم
وجَّه الله سبحانه وتعالى المؤمنين إلى أن يدعوا ربهم بهذه
الدعوات العظيمة، ختم بها هذه السورة العظيمة، فقال: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ﴾ [البقرة: 286] يدعو الإنسان بهذا الدعاء، ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ﴾ والدعاء بـ «رب» هذا استعطاف لرحمة الله جل وعلا، فأنت
إذا أردت أن تدعوَ تقول: يا ربِّ، يا ربِّ، يا ربِّ. تناديه بهذا الاسم العظيم.
﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ﴾ [البقرة: 286] إذا حصل منك خطأ أو حصل منك نسيان، نسيت
الصلاة ولم تصلِّ، إذا ذهب عنك النسيان صلِّ في أيِّ وقت ولا يؤاخذك الله
بالنسيان، والنِّسيان هو الذُّهول، نسيت الصلاة ولم تفطن إلا بعدما خرج وقتها؛
صلِّ في الحال، نمت عن الصلاة من غير قصد ومِنْ غير تعمد، غلبك النوم وأنت حريص
على القيام، لكن غلبك النوم ولم تستيقظ إلا بعدما خرج الوقت؛ صلِّ واللهُ يتقبل
منك، أنت معذور. قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلاَةً أَوْ نَامَ
عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذَلِكَ» ([1]).
﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ﴾؛ لأن النسيان ليس في طاقة الإنسان، ﴿أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ﴾ [البقرة: 286] ما نسينا لكن أخطأنا، وقعنا في ذنب من غير نسيان، ندعو الله ألاَّ يُؤَاخذنا على هذا الخطأ وأن يغفره لنا سبحانه وتعالى، ولا نقنط من رحمة الله عز وجل، لكن تتوب إذا وقعتَ في ترك واجب أو وقعت في فعل محرم. غلبك الشيطان ونفسك الأمارة بالسوء ووقعت؛ فإنك تتوب إلى الله عز وجل وتبادر بالتوبة، ولا تقنط من رحمة
([1])أخرجه: البخاري رقم (597)، ومسلم رقم (684).