×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

حرام عليهم، ومَنْ ذا الذي يستطيع أن يعزل اللحم من الشحم؟! هذا صعب، لكن هذه عقوبة لهم، والعياذ بالله.

﴿رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَيۡنَآ إِصۡرٗا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِنَاۚ [البقرة: 286]، هذا فيه أن الإنسان يعتبر ويتعظ بما وقع لغيره، فلا يسلك مسلك مَنْ حرَّم الله عليهم هذه الأشياء عقوبةً لهم، والسعيد مَنْ وُعظ بغيره.

ثم قال جل وعلا: ﴿وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ [البقرة: 286]، الله سبحانه وتعالى له التصرف التام والاختيار التام، هو قادر على أن يحمِّلنا ما لا نطيق، لكن رحمته تأبى هذا، وإلا فالله جل وعلا هو الرب المالك المتصرف، يحمِّلنا ما لا نطيق؛ لأننا عبيده، لكن رحمته ومغفرته تقتضي أنه سبحانه وتعالى لا يحملنا ما لا نطيق، ولكن ندعو الله ألاَّ يحملنا ما لا نطيق كما حمَّله على مَنْ كان قبلنا.

﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَآۚ [البقرة: 286] اعفُ عنا ما سبق واغفر لنا ما سيحدث، أو ما حدث في الحال، وارحمنا في المستقبل أن نكون على الصواب، ولا نَزِلَّ عن الصواب.

فهذه الآية شملت الأحوال الثلاثة:

ما كان في الماضي يغفره الله، وهو ما كان بين العبد وبين ربه، ﴿وَٱعۡفُ عَنَّا، ما كان بين العبد وبين ربه، فأنت تسأل الله أن يعفوه لك. والعفو هو: الإزالة، أن يزيله سبحانه وتعالى.

﴿وَٱغۡفِرۡ لَنَا [البقرة: 286] الغفر هو: السَّتْر، أي: استر ما يقع منَّا عن الناس فلا يطَّلعوا عليه. هذا سؤال لله أن يستر عليك ولا يفضحك أمام الناس.


الشرح