×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

﴿وَٱرۡحَمۡنَآۚ [البقرة: 286] في مستقبل أيامنا فلا نضيِّعها ونقع في الأخطاء، ارحمنا برحمتك واعصمنا من أن نقع فيما لا يرضيك. فهذا دعاء شامل.

﴿أَنتَ مَوۡلَىٰنَا [البقرة: 286] توسل إلى الله جل وعلا، توسَّلوا إلى الله بربوبيته، ربَّنا ربَّنا، ثم توسَّلوا إليه بأنه هو مولاهم، فالله جل وعلا مولى الناس جميعًا الكفار والمؤمنين وجميع الخلق بالوَلاية العامة، ﴿ثُمَّ رُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۚ [الأنعام: 62]، جميع الخلائق رُدُّوا إلى الله مولاهم الحق ﴿وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ[الأعراف: 53] هذه الوَلاية العامة.

فالله مولى جميع الخلق، بمعنى: أنه يدبرهم ويحاسبهم ويجازيهم ويرزقهم في الحياة الدنيا، يرزقهم ويعطيهم، الله يعطي المسلم والكافر؛ لأنه مولاهما في الدنيا، هذه الوَلاية العامة.

أما الوَلايةُ الخاصةُ بالمؤمنين فهي وَلاية عناية وتوفيق وهداية، هذه خاصة بالمؤمنين، ﴿أَنتَ مَوۡلَىٰنَا [البقرة: 286] الولاية الخاصة، قال تعالى: ﴿ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّٰغُوتُ يُخۡرِجُونَهُم مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَٰتِۗ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ [البقرة: 257].

ولما قال أحد الكفار يوم أحد بعد الموقعة وما حصل للمسلمين، قال: لَنَا العُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ، - العزَّى صنم - قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَجِيبُوهُ» قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: «قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا، وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ» ([1]).

الولاية الخاصة تكون للمؤمنين، وأما الكفار فيتولاهم الشيطان؛ ﴿وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ[الأنعام: 129]، والعياذ بالله


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (4043).