وليست
ناسخة لها. ومن المعلوم ألا يصار إليه إلا إذا تعذَّر الجمع، والجمع هنا ممكن لما
ذكروه.
ومعنى:
﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ﴾ [البقرة: 286] التكليف: هو الأمر بما فيه مشقَّة وكلفة،
ما فيه مشقَّة وكلفة، هذا هو التكليف. ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾ [البقرة: 286]، أي: لا يأمرها أو ينهاها إلا ما تطيقه
وتتسع له طاقة الإنسان، فما يستطيعه الإنسان ويطيقه هذا يؤمر به في الشرع.
ولا
شكَّ أنَّ الطَّاعات فيها مشقَّة، لكنَّها مشقَّة في وسع الإنسان وطاقة الإنسان،
وإلا فالصلاة فيها مشقَّة، والصِّيام فيه مشقة والجهاد في سبيل الله والحجُّ، كلُّ
الأعمال فيها مشقَّة، ولكنَّ هذه المشقَّةَ متحمَّلة وهي داخلةٌ في وسع الإنسان.
فهذه يكلِّف الله بها سبحانه وتعالى ويأجر الإنسان عليها وعلى تعبه ومشقَّته؛ ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ
نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾.
وأما
ما لا يستطيعه الإنسان، فوق طاقته، فهذا لا يُكلِّف الله به، لا يكلف الله به إلا
مِنْ باب العقوبة. أما أهل الإيمان والصدق فلا يكلِّفهم الله بما لا يطيقون؛ رحمةً
منه سبحانه، قال تعالى: ﴿وَمَا
جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ﴾
[الحج: 78] ملة إبراهيم عليه السلام هي الملة السمحاء السهلة، ﴿مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ
لِيَجۡعَلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ حَرَجٖ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمۡ وَلِيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ
لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾
[المائدة: 6]، فالحرج موضوع في هذه الشريعة، ولله الحمد.
ولهذا تجدون الله جل وعلا يشرع لكل حالة ما يناسبها، قال صلى الله عليه وسلم: «يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» ([1])،