×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

وفي رواية: «فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا وَرِجْلاَهُ إِلى الْقِبْلَة» ([1]). هذا من التيسير بالنِّسبة للمريض، وكذلك الصِّيام بالنسبة للمريض، إذا دخل عليه شهر رمضان وهو مريض يفطر ويقضي مِنْ أيام أخر، كذلك المسافر يقصر الصلاة ويجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، وإذا فقد الماء أو عجز عن استعماله يعدل إلى التيمم بالتراب. هذا مِنْ رفع الحرج عن هذه الأمة ومِنَ التيسير لها.

﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ [البقرة: 286]، ولذلك جاءت الرُّخص الشرعية، رُخِّص للمضطر أن يأكل مِنَ الميتة ما يبقي على حياته ولا يموت مِنَ الجوع، يأكل من الميتة وهي حرام، لكنها بالنسبة له في هذه الحالة تكون حلالاً للضرورة. فهذا مِنْ رفع الحرج عن هذه الأمة.

ولكن يجب الانتباه إلى أن قومًا يستغلون هذا في غير محلِّه، فيتخلَّصون مِنَ الدين ويقولون: الدينُ دين يسر. يتركون الصلاة ويقولون: الدين دين يسر. يتركون الصيام، ويتركون العبادات، ويقولون: الدين دين يسر. فهذا مِنَ الإلحاد في دين الله عز وجل.

الدين دين يسر، نعم، لكنه يسر بحسب ما شرعه الله، لا بحسب ما تهواه نفوسنا، فإن الله شرع لكل حالة ما يناسبها، واليسر يراد به استعمالُ الرُّخص الشرعية عند الحاجة إليها أو الضرورة إليها، لا أن نعمل بهوى نفوسنا ونقول: الدين دين يسر. ونتخلص من الدين. لا، هذا ليس بيسر، هذا عسر. ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ[البقرة: 286]. أما ما لا يتسع له طاقة الإنسان، فهذا رفعه الله عن هذه الأمة، وفي الآية الأخرى: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ،


الشرح

([1])أخرجه: الدارقطني رقم (1706).