×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

وأيضًا ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَاۚ [الطلاق: 7]، آيات كثيرة في هذا، وهذا مِنْ فضل الله سبحانه وتعالى.

أما التكليف بما يخرج عن طاقة الإنسان فهذا قد يشرعه الله عقوبةً، كما حصل لبني إسرائيل، فإن الله حمَّلهم آصارًا وأغلالاً بسبب تعنُّتهم في دين الله؛ ﴿فَبِظُلۡمٖ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا عَلَيۡهِمۡ طَيِّبَٰتٍ أُحِلَّتۡ لَهُمۡ[النساء: 160] هي حلال في الأصل، لكن لما عصَوُا الله وتمرَّدوا؛ حرم الله عليهم طيبات عقوبة لهم.

﴿وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٖۖ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ وَٱلۡغَنَمِ حَرَّمۡنَا عَلَيۡهِمۡ شُحُومَهُمَآ إِلَّا مَا حَمَلَتۡ ظُهُورُهُمَآ أَوِ ٱلۡحَوَايَآ أَوۡ مَا ٱخۡتَلَطَ بِعَظۡمٖۚ ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِبَغۡيِهِمۡۖ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ [الأنعام: 146]، فهذا عقوبة لهم - والعياذ بالله - على تعنتهم في شرع الله، وعلى كفرهم بآيات الله، عاقبهم الله سبحانه فجعل الطيبات حرامًا عليهم حتى يضيق عليهم؛ عقوبةً لهم.

ولو أنهم آمنوا بهذا الرسولِ صلى الله عليه وسلم واتبعوه لوضع الله عنهم هذه الآصارَ والأغلال، ﴿ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ [الأعراف: 157]، يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم، ﴿يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَٰلَ ٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡۚ [الأعراف: 157] فلو أنهم آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم لوضع الله عنهم هذه الآصار والأغلال التي كانت عليهم؛ بسبب كفرهم وتعنتهم مع أنبياء الله سبحانه وتعالى.

ثم قال جل وعلا: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتۡ [البقرة: 286] ﴿لَهَا، أي: النَّفس، ﴿مَا كَسَبَتۡ [البقرة: 186] من الأعمال الصالحة، ﴿وَعَلَيۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡۗ [البقرة: 286] من الأعمال السيئة، كما في قوله تعالى: ﴿مَّنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا


الشرح