×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

لأنفسهم هذا المصير السيئ.

والله لم يجبرهم على المعاصي كما يقوله الجبرية، وإنما هم الذين اختاروا هذا الشيء بفعلهم ومشيئتهم وإرادتهم، فهم لهم مشيئة ولهم إرادة، يستطيعون أن يفعلوا، ويستطيعون أن يتركوا، ويستطيعون أن يُسْلِموا، ويستطيعون أن يَكفروا، هذا بإرادتهم، بإرادة الخلق.

وهو مراد الله من جهة القضاء والقدر، قَدَّره الله عليهم عقوبة لهم لما خالفوا أمره، وكرهوا ما أنزل الله، الله قَدَّر عليهم هذه العقوبة بسبب ذنوبهم، ﴿مَّآ أَصَابَكَ مِنۡ حَسَنَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٖ فَمِن نَّفۡسِكَۚ وَأَرۡسَلۡنَٰكَ لِلنَّاسِ رَسُولٗاۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدٗا[النساء: 79].

ثم قال عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ [البقرة: 254] هذا نداء من الله عز وجل لعباده المؤمنين. وخَص المؤمنين لأنهم يمتثلون أمر الله، خصهم بذلك، وهذا فيه تشريف لأهل الإيمان أن الله ناداهم، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ.

والإنفاق في اللغة: هو الإخراج، تقول: «نَفَق الشيءُ» إذا خرج. و«نَفَقت الدابة» إذا ماتت وخرجت رُوحها.

فالإنفاق هو الإخراج لغة. والمراد به هنا: إخراج المال في طاعة الله عز وجل، أن تتصدق، أن تُخرج الزكاة الواجبة، أن تتبرع للمحتاجين، ﴿وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٗا وَأَعۡظَمَ أَجۡرٗاۚ[المزمل: 20]، ﴿مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥٓ أَضۡعَافٗا كَثِيرَةٗۚ [البقرة: 245].

فأنت إذا أنفقت شيئًا لوجه الله، تجده عند الله عز وجل، بل تجده أكثر مما بذلت، يضاعفه الله أضعافًا كثيرة، ﴿مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥٓ أَضۡعَافٗا كَثِيرَةٗۚ [البقرة: 245] لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.


الشرح