قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِن
طَآئِفَتَانِ﴾ [الحجرات: 9]، تثنية طائفة.
والطائفة: هي الجماعة أو الفِرقة. وقد تطلق الطائفة ويراد بها الواحد، ولكن المراد
هنا الفِرقة والجماعة ([1]).
فقوله
سبحانه وتعالى: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ﴾ [الحجرات: 9] اقتتلوا فيما بينهم بالسلاح، وحَمَل بعضهم
على بعض السلاح. فهذا أَمْر مُحَرَّم. والعلاج في هذه القضية ﴿فَأَصۡلِحُواْ
بَيۡنَهُمَاۖ﴾ بأن يُبادَر بالإصلاح
بينهما. والإصلاح: هو تسوية النزاع بين المختلفين عن طريق التراضي بينهم، فإذا
تَرَاضَوْا ورَضُوا بالصلح فالحمد لله فقد انتهت المشكلة.
والإصلاح
ضد الفساد، فدل على أن تقاتلهما إفساد، وأن تسوية النزاع ومَنْع الاقتتال بين
المسلمين إصلاح.
﴿فَأَصۡلِحُواْ
بَيۡنَهُمَاۖ﴾ هذا خطاب لولاة الأمور،
وللعلماء، ولأفراد المسلمين، وللعقلاء من المسلمين وأصحاب الرأي والمشورة. كُلٌّ
يسعى في الإصلاح. حتى بين الاثنين، إذا حصل بينهما خصام، فيُشْرَع الإصلاح بينهما،
فكيف إذا كان الخصام بين جماعتين من المؤمنين؟! فإن الأمر يتأكد.
والإصلاح له فوائد عظيمة وأجره عظيم!! قال سبحانه وتعالى: ﴿لَّا خَيۡرَ فِي كَثِيرٖ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَٰحِۢ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا﴾ [النساء: 114]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَٱلصُّلۡحُ خَيۡرٞۗ﴾، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلاَّ صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا، أَوْ حَرَّمَ حَلاَلاً» ([2]).
([1]) انظر: لسان العرب (9/ 226).