وفي هذه الآيات: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ﴾ نادى الله الناس جميعًا، المؤمنين والكفار، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ﴾ والناس هم بنو آدم جميعًا، يقابلهم الجن، قال سبحانه
وتعالى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ
ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾
[الذاريات: 56]، فالناس والإنس هم بنو آدم.
فعَمَّم
سبحانه وتعالى في النداء؛ لأن الآيات الآتية فيها النهي عن التفاخر بالأحساب
والأنساب، وفيها النهي عن تزكية النفس ومدحها بما ليس فيها.
فهذا
هو مضمون الآيات: النهي عن التفاخر بالأنساب والأحساب، والنهي عن تزكية النفوس
ودعوى ما ليس عند الإنسان.
قال
سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ
وَأُنثَىٰ﴾ [الحجرات: 13] ﴿ذَكَرٖ﴾: هو آدم، و ﴿وَأُنثَىٰ﴾:
هي حواء، عليهما السلام، هذه بداية الناس، من ذكر وأنثى، فمِن حيث المبدأ والأصل
لا ميزة لأحد على أحد، كلهم بنو آدم، كلهم من آدم وحواء، فلا فخر بالنسب لأن نسبهم
واحد، يرجعون إلى أب واحد وأم واحدة، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ
ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا
زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي
تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا﴾ [النساء: 1].
وقوله
سبحانه وتعالى: ﴿وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ﴾ هذه أقسام النَّسَب، الشعوب أكبر من القبائل، فالشعوب
أولاً ثم القبائل، هذا بالنسبة إلى العرب، ينقسمون إلى شعوب وهي أكبر الطوائف
النَّسَبية، ثم العمائر، ثم القبائل، ثم الأفخاذ. هذا بالنسبة للعرب.
وقيل: ليس هذا خاصًا للعرب؛ بل الخطاب للناس فيشمل العرب والعجم، فالشعوب للعجم والقبائل للعرب، للعجم: شعب الروم،