أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ
بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا»
([1]).
فهو
سبحانه وتعالى في هذه الآية يشير إلى هذا ﴿وَتَقُولُ هَلۡ
مِن مَّزِيدٖ﴾ [ق: 30] تَطلب الزيادة؛
لأنها واسعة - والعياذ بالله -، وجاء في الحديث الصحيح - أو في الأحاديث - أن
النار لا يَزال يُلْقَى فيها، وهي تقول: هل من مزيد؟ «فَيَضَعُ اللهُ تبارك
وتعالى فيها - أو: عَلَيْهَا - رِجْلَهُ» وفي رواية: «قَدَمَهُ - وَيُزْوَى
بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ» ([2]).
أي: كفاني كفاني.
فهذا
هو معنى هذه الآية: ﴿يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ
هَلۡ مِن مَّزِيدٖ﴾ [ق: 30].
وهذا
فيه وعيد شديد لهؤلاء أن يكونوا من حطب جهنم يوم القيامة، ووعيد لكل عاقل أن ينتبه
لذلك؛ لئلا يكون ممن يُلْقَى في جهنم -والعياذ بالله -.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ﴾
أي: قُرِّبت.
لَمَّا ذَكَر النار ذَكَر الجنة، وهذا الأسلوب متكرر في القرآن الكريم، وهو أن الله حينما يَذكر العذاب يَذكر الرحمة، وحينما يَذكر النار يذكر الجنة؛ لأجل أن لا يَقنط العباد، فلا يَذكر الجنة فقط حتى يأمن العباد، ولا يَذكر النار فقط حتى يَقنط العباد، بل إنه سبحانه وتعالى بحكمته يَذكر الجنة والنار، والوعد والوعيد في كثير من الآيات، ومنها هذا الموضع.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4850)، ومسلم رقم (2846) واللفظ له.