﴿لِنُرۡسِلَ
عَلَيۡهِمۡ حِجَارَةٗ مِّن طِينٖ ٣٣ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُسۡرِفِينَ ٣٤﴾ [الذاريات: 33- 34]، أي: مُعَلَّمة. قيل: على كل حجر
اسم صاحبه.
﴿مُّسَوَّمَةً
عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُسۡرِفِينَ﴾
أي: من عند الله سبحانه وتعالى، لم تأتِ مِن قِبل مخلوق، وإنما جاءت مِن قِبل
الله؛ عقوبةً لهم وغضبًا عليهم، وليست من عند الملائكة، وإنما هي من عند الله الذي
لا يُرَد أمره سبحانه وتعالى ولا يُعَقَّب على قضائه.
ومع
ذلك فإن إبراهيم عليه السلام لحلمه وعطفه، صار يجادلهم في قوم لوط، فيقول: ﴿إِنَّ فِيهَا
لُوطٗاۚ﴾، أي: كيف تهلكونهم وفيهم لوط
وأهل بيته؟! ﴿قَالُواْ
نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَن فِيهَاۖ لَنُنَجِّيَنَّهُۥ وَأَهۡلَهُۥٓ إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ
كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ﴾
[العنكبوت: 32].
وذلك
أن امرأته كانت كافرة، على دين قومها، وكانت تساعدهم على فعلهم - والعياذ بالله -؛
فلذلك لما رأت هؤلاء الأضياف الحسان، ذهبت وأخبرت قومها، فجاءوا كما في الآيات
الأخرى، لما علموا أن لوطًا عليه السلام عنده هؤلاء الفتية الشباب الحسان جاءوا
يراودونه، قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ رَٰوَدُوهُ عَن ضَيۡفِهِۦ﴾ [القمر: 37] يريدون فعل الفاحشة بهم. وهذا من تمام
الابتلاء والامتحان، ﴿وَجَآءَ أَهۡلُ ٱلۡمَدِينَةِ يَسۡتَبۡشِرُونَ﴾ [الحِجر: 67]، من الإغراء - والعياذ بالله - ومن
الاستدراج.
﴿قَالَ إِنَّ
هَٰٓؤُلَآءِ ضَيۡفِي فَلَا تَفۡضَحُونِ﴾
[الحِجر: 68]، يدافع عنهم لأنهم في ضيافته.
فمِن
عادة أهل الكرم والشهامة أنهم يَحمون مَن نَزَل بهم ويدافعون عنه ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ
وَلَا تُخۡزُونِ﴾ [الحِجر:
69].
فضَرَبهم جبريل بطَرَف جناحه، فطَمَس الله أعينهم كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ رَٰوَدُوهُ عَن ضَيۡفِهِۦ فَطَمَسۡنَآ أَعۡيُنَهُمۡ﴾ [القمر: 37]، هذا أول عذاب لهم.