قال
عز وجل: ﴿وَٱلسَّمَآءَ
بَنَيۡنَٰهَا بِأَيۡيْدٖ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾
[الذاريات: 47]، السماء مأخوذة من السمو، وهو: الارتفاع.
·
و«السماء» لها معنيان، - كما سبق وتكرر ذكره
-:
المعنى
الأول: السماء المبنية ذات الأجرام.
والمعنى
الثاني: يراد بها العلو فقط، فكل ما علاك فهو سماء فضائية. قال
تعالى: ﴿وَأَنزَلۡنَا
مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ طَهُورٗا﴾
[الفرقان: 48]، أي: من السحاب، سُمي سماء لارتفاعه.
﴿وَٱلسَّمَآءَ
بَنَيۡنَٰهَا بِأَيۡيْدٖ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾
[الذاريات: 47]، و«السماءَ» بالنصب على أنه مفعول لفعل مُقدَّر، يدل عليه الفعل
الموجود، والتقدير: وبنينا السماء بنيناها بأيد ([1])،
وهذا يسميه النَّحْويون يسمونه «الاشتغال»، وهو باب معروف في النحو.
﴿بَنَيۡنَٰهَا﴾ أي: جعلناها بناءً مرتفعًا على الأرض. فالبناء هو ما
ارتفع، قال تعالى: ﴿ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ
بِنَآءٗ﴾ [البقرة: 22]، أي: سقفًا
مرتفعًا، وقال تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَا ٱلسَّمَآءَ سَقۡفٗا مَّحۡفُوظٗاۖ وَهُمۡ
عَنۡ ءَايَٰتِهَا مُعۡرِضُونَ﴾
[الأنبياء: 32].
﴿بِأَيۡيْدٖ﴾ أي: بقوة، كما في قوله عز وجل: ﴿وَٱذۡكُرۡ
عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ذَا ٱلۡأَيۡدِۖ﴾
[ص: 17] أي: القوة. وقوله عز وجل: ﴿أُوْلِي ٱلۡأَيۡدِي وَٱلۡأَبۡصَٰرِ﴾ [ص: 45] أي: أُولِي القوة من الرسل.
﴿وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ من العادة أن السقف يكون محدودًا وله أطراف، لكن السماء ليس لها حدود، أينما ذهبتَ فالسماء فوقك والأرض تحتك.
([1]) انظر: إعراب القرآن للنحاس (4/ 166)، والتبيان في إعراب القرآن (2/ 1182).