فالله
أقسم بهذه الآية العظيمة للدلالة على صدق الوحي وصدق المعراج.
وقيل:
المراد ﴿وَٱلنَّجۡمِ
إِذَا هَوَىٰ﴾: الشهب التي تُرْمَى بها
الشياطين إذا حاولوا استراق السمع، فإنهم يُرْمَون بالشهب، وهذه الشهب شظايا من النجوم،
تُلاحِق الشيطان الذي يريد استراق السمع.
والمُقْسَم
عليه: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ﴾ [النجم: 2]، صاحبكم هو محمد صلى الله عليه وسلم.
والخطاب لقريش وللعرب عمومًا، وسماه صاحبهم لأنهم يعرفونه ونشأ بينهم، فعَرَفوا
أمانته وعَرَفوا أخلاقه صلى الله عليه وسلم، فهم لا ينكرونه.
﴿مَا ضَلَّ﴾ عن الحق. والضلال هو: القول والعمل بلا علم.
﴿وَمَا غَوَىٰ﴾ والغواية هي: المخالفة عن علم. فالغاوي هو الذي يعصي
الله على علم وعلى بصيرة، ويخالف لا عن جهل.
وقد
نَزَّه الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم عن هاتين الصفتين «الضلالة والغواية»،
فهو لا يقول بلا علم، ولا يترك العمل بالعلم كما عليه الغاوون، بل هو يُبلِّغ ما
أُمِر به، ويعمل به في نفسه صلى الله عليه وسلم.
﴿وَمَا يَنطِقُ
عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ﴾ لا يأمر
ويَنْهَى، ويُحلِّل ويُحرِّم، ويخبر - إلاَّ عن الوحي، لا ينطق عن هواه وما تمليه
عليه نفسه، وإنما هو وحي من الله عز وجل.
ففي هذا: دليل على حجية السُّنة النبوية؛ لأنها وحي من الله عز وجل، نَطَق بها النبي صلى الله عليه وسلم عن وحي من الله، لا أنها من عنده، وإنما يُبلِّغ ما جاءه عن ربه من غير زيادة ولا نقصان، يُبلِّغ القرآن كما تَلَقَّاه عن جبريل عن الله عز وجل، ويُبلِّغ السُّنة كما نزلت عليه من الله عز وجل ! فالقرآن والسُّنة وحي من الله، وحُجة من الله على عباده.