﴿إِنۡ﴾ بمعنى «ما» نافية، ما هو إلاَّ وحي يوحى.
نَفَى
عنه هذه الصفات الثلاث: الضلال والغواية والنطق عن الهوى.
وكون
الله عز وجل أقره وأعانه، وكف عنه أذى الأعداء - هذا دليل على أنه يُبلِّغ عن الله
سبحانه وتعالى ! فهذه شهادة من الله لهذا النبي أنه ما ضل وأنه ما غوى وأنه لا
ينطق عن الهوى، شهادات عظيمة من رب العالمين لهذا النبي صلى الله عليه وسلم ([1]).
﴿عَلَّمَهُۥ
شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ﴾ثم ذَكَر
المُعلِّم له، وهو جبريل عليه السلام، فجبريل عليه السلام هو الذي عَلَّمه بأمر
الله، فهو الواسطة بينه وبين الله.
وفي
هذا نَفْي لأن يكون تَلَقَّى هذا عن الشياطين أو عن أهل الكتاب، وإنما يتلقاه عن
جبريل عليه السلام - الرُّوح الأمين -.
﴿شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ﴾، هو: جبريل عليه السلام، وَصَفه الله بأنه شديد القوى،
أعطاه الله قوة شديدة، فلا تطيقه الشياطين ولا تقربه عليه السلام.
ثم
وَصَف جبريل بصفة ثانية، فقال: ﴿ذُو مِرَّةٖ﴾،
أي: هيئة حسنة. جبريل عليه السلام له هيئة حسنة. فهو يَجمع بين حُسْن المنظر وقوة
الشخصية، فهو قوي بَهِي المنظر عليه السلام ([2]).
﴿ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ
٦وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ ٧﴾ [النجم: 6- 7] أي: جبريل عليه السلام، «استوى» يعني:
ارتفع في الأفق الأعلى، فوق الأرض.
ورآه النبي صلى الله عليه وسلم في الأفق قد سد ما بين الخافقَين على صورته المَلَكية ([3])، رآه صلى الله عليه وسلم وهو في بطحاء مكة، لما رَفَع رأسه، لما سمعه يقول:
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 42)، وزاد المسير (8/ 63)، وتفسير القرطبي (17/ 84).