﴿فَبِأَيِّ
ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾،
أي: نعم الله عز وجل، ﴿تُكَذِّبَانِ﴾،
أيها الثقلان؟
فإن
هذه الجنات من نعم الله سبحانه وتعالى على عباده. ومن نعمه: أنه لا يُسوِّي بين
الناس، بل يفاوت بينهم حتى في الجنة بحسب أعمالهم. فهذا من نعمه سبحانه وتعالى.
فهاتان
الجنتان المدهامتان من نعم الله على عباده، تستوجبان منهم الشكر لا التكذيب.
ثم
قال عز وجل: ﴿فِيهِمَا
عَيۡنَانِ نَضَّاخَتَانِ﴾،
قيل: فائضتان بالماء ([1]).
وفي الأُولَيين قال: ﴿فِيهِمَا عَيۡنَانِ تَجۡرِيَانِ﴾،
وهذا أفضل من النضاختين؛ لأن معنى ﴿نَضَّاخَتَانِ﴾،
فائضتان بالماء. وقيل: فوارتان بالماء. وهذا أقل من الجريان.
ثم
قال: ﴿فِيهِمَا
فَٰكِهَةٞ وَنَخۡلٞ وَرُمَّانٞ﴾
[الرحمن: 68]، نَصَّ على النخل والرمان، وهما داخلان في قوله: ﴿فِيهِمَا
فَٰكِهَةٞ﴾، من باب تميز النخل والرمان
على بقية الفواكه. فالنخل للغذاء، والرمان للدواء، فتختلف منافع النخل والرمان،
وهما متميزان على غيرهما من أنواع الفواكه. وفي الأُولَيين قال: ﴿فِيهِمَا مِن
كُلِّ فَٰكِهَةٖ زَوۡجَانِ﴾،
وهذا أكمل.
﴿فَبِأَيِّ
ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾،
كما سبق أن هذا من نعم الله عز وجل التي تستوجب الشكر، ومَن لم يشكر نعم الله فقد
كَذَّب بها وكَفَرها.
﴿فِيهِنَّ﴾، أي: في هذه الجنات ﴿خَيۡرَٰتٌ حِسَانٞ﴾، هذا وَصْف لأزواج أهل هاتين الجنتين، ﴿فِيهِنَّ خَيۡرَٰتٌ﴾، وفي قراءة: «خَيِّرات»،
([1]) انظر: تفسير الطبري (23/ 72)، وتفسير القرطبي (17/ 185).