فالكلام
إما أن يكون لغوا لا فائدة فيه، وإما أن يكون قبيحًا مُؤثِّمًا، وإما أن يكون
طيبًا، فكلام أهل الجنة من النوع الثالث، ﴿وَهُدُوٓاْ
إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ﴾ [الحج: 24].
﴿إِلَّا قِيلٗا﴾، أي: لا يسمعون، ﴿إِلَّا قِيلٗا﴾، أي: قولاً، ﴿سَلَٰمٗا سَلَٰمٗا﴾
[الواقعة: 26]، يُسلِّم بعضهم على بعض، فلا يَسمع بعضهم من بعض كلامًا جارحًا، أو
كلامًا سيئًا، أو كلامًا مُؤثِّمًا، أو لغوا لا فائدة فيه، فلا يسمعون إلاَّ
السالم من ذلك ﴿تَحِيَّتُهُمۡ
فِيهَا سَلَٰمٌ﴾ [إبراهيم: 23].
فهم
يُسلِّم بعضهم على بعض، والله عز وجل يُسلِّم عليهم، ﴿سَلَٰمٞ
قَوۡلٗا مِّن رَّبّٖ رَّحِيمٖ﴾
[يس: 58]، والملائكة تُسلِّم عليهم، ﴿جَنَّٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ
ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّٰتِهِمۡۖ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَدۡخُلُونَ
عَلَيۡهِم مِّن كُلِّ بَابٖ ٢٣ سَلَٰمٌ
عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ ٢٤﴾ [الرعد: 23- 24].
فهم
لا يسمعون في الجنة إلاَّ السلام فيما بينهم، والسلام من الله سبحانه وتعالى،
والسلام من الملائكة الكرام!!
فهذا
كله جزاء على أعمالهم التي قَدَّموها في دنياهم، فوجدوا جزاءها عند ربهم، تثمر لهم
هذه الأعمال، مساكن في الجنة، ومآكل ومشارب، وهذا النعيم ليس عُرْضة للزوال ولا
للنهب والسرقة، ولا عُرْضة للمشاحة فيه والتقاتل عليه؛ لأنه خالد باقٍ لا يزول، ولا
يخافون من زواله، ولا من انقطاعه ونفاده، ﴿إِنَّ هَٰذَا
لَرِزۡقُنَا مَا لَهُۥ مِن نَّفَادٍ﴾
[ص: 54]، من كل ما أرادوا واشتهَوْا فإنه مُيسَّر لهم وغير منقطع.
نسأل
الله بمَنه وكرمه أن يجعلنا منهم.
وصَلَّى الله وسَلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه
أجمعين.
***
الصفحة 10 / 676