×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

فالمعنى - والله أعلم -: لا، ليس الأمر كما تزعمون من عدم البعث وعدم الحساب، وإنما هناك بعث وحساب وجزاء. فهذا نَفْي لقولهم. ثم قال: أُقسم بمواقع النجوم. وهو كلام مستأنف.

﴿أُقۡسِمُ: أي: أحلف.

﴿بِمَوَٰقِعِ ٱلنُّجُومِ [الواقعة: 75]: اختَلف العلماء في المراد بالنجوم:

فقيل: المراد: نجوم القرآن؛ لأن القرآن لم ينزل جملة واحدة، وإنما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم مُنَجَّمًا حَسَب الوقائع والحوادث، إلى أن تكامل نزوله عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. فالمراد بالنجوم: نجوم القرآن، أَقسم الله بها لعظمة هذا القرآن.

وقيل: المراد: الكواكب التي في السماء ([1])؛ لأنها تدل على عظمة الله سبحانه وتعالى ! فجريانها وانتظامها، وأشكالها وتفرقها في السماء - من أعظم آيات الله سبحانه وتعالى. ومعنى «مواقع النجوم» أي: منازلها ومَسِيرها في السماء. كما قال سبحانه وتعالى: ﴿فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلۡخُنَّسِ ١٥ ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ ١٦ [التكوير: 15- 16]، وهي النجوم.

﴿وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوۡ تَعۡلَمُونَ عَظِيمٌ [الواقعة: 76]، الضمير في ﴿وَإِنَّهُۥ يرجع إلى قوله عز وجل: ﴿أُقۡسِمُ [الواقعة: 75]، أي: إن هذا لقَسَم عظيم لو تعلمون عظمته لعَرَفتم قدرة الله سبحانه وتعالى وحكمته وعلمه، فعَظَّمتم الله عز وجل وعبدتموه حق عبادته.

ثم بَيَّن جواب القَسَم؛ لأن القَسَم لابد له من جواب، وهو: المُقْسَم عليه فقال: ﴿إِنَّهُۥ لَقُرۡءَانٞ كَرِيمٞ [الواقعة: 77]، ﴿إِنَّهُۥ، أي: القرآن، ﴿كَرِيمٞ، أي: عظيم. فالكريم هو: الجيد والنفيس من كل شيء، مثل الأحجار الكريمة. وأجود الأشياء، وأعظمها كلام الله سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])  انظر: تفسير الطبري (23/ 148)، وتفسير ابن كثير (8/ 31).