×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

فالتسبيح هو: التنزيه لله عز وجل عن النقائص والعيوب ([1])، فهو الكامل سبحانه وتعالى في ذاته وفي أسمائه وصفاته وفي أفعاله، لا يلحقه نقص بوجه من الوجوه، له سبحانه وتعالى الكمال المطلق الذي لا يعتريه نقص.

وقال هنا: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ، أخبر أنه نَزَّه اللهَ سبحانه وتعالى ﴿مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ [الحديد: 1]، المخلوقات كلها تنزهه عما لا يليق به من الشرك والتشبيه والتمثيل والتعطيل. فكل المخلوقات في السماوات والأرض: من الملائكة، والآدميين، والجن والإنس، والحجر والشجر، والبَر والبحر، والجبال والوِهاد، كل شيء، كما قال عز وجل: ﴿وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ [الإسراء: 44].

ليس هناك شيء في السماوات والأرض إلاَّ وهو يسبح الله سبحانه وتعالى وينزهه.

ولكن هناك أشياء لا نفهم تسبيحها، فهي تُسبح الله عز وجل تسبيحًا يليق بها، ونحن لا نفهم هذا، كما قال تعالى: ﴿وَلَٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِيحَهُمۡۚ [الإسراء: 44]، يعني: لا تفهمونه. وكوننا لا نفهم تسبيحها ولا نسمعه - لا يدل على عدم وجوده. ﴿وَسَخَّرۡنَا مَعَ دَاوُۥدَ ٱلۡجِبَالَ يُسَبِّحۡنَ وَٱلطَّيۡرَۚ وَكُنَّا فَٰعِلِينَ [الأنبياء: 79].

أما من يقول: «إن تسبيح الجمادات مجاز؛ لأنها لا تنطق، وإنما تسبحه بلسان الحال لا بلسان المقال».

فهذا قول بلا علم، نقول: بل هو تسبيح حقيقي، بحَسَب ما أعطاها الله سبحانه وتعالى من التعبير اللائق بها ([2]).


الشرح

([1])  انظر: مادة (سبح) في العين (3/ 151)، وتهذيب اللغة (4/ 196)، ومقاييس اللغة (3/ 125).

([2])  انظر: تفسير الطبري (15/ 92)، وتفسير القرطبي (10/ 266)، وتفسير ابن كثير(3/ 43).