فالعقول
لا يُعتمد عليها وحدها لأنها قاصرة؛ ولذلك لم يَكِلنا الله إلى عقولنا، وإنما أرسل
إلينا الرسول وأنزل علينا الكتاب، فاجتمع لدينا آيات كونية وآيات قرآنية بيانية،
ورسول - وهو محمد صلى الله عليه وسلم -.
وقوله
عز وجل: ﴿وَٱلرَّسُولُ
يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ﴾
أي: يَطلب منكم أن تؤمنوا بربكم.
فإن
الرسول صلى الله عليه وسلم لما بعثه الله، صار يدعو الناس إلى الإيمان والتوحيد،
ويُبلغ الرسالة، ويتتبع مجامع الناس ومجالسهم ومنتدياتهم في موسم الحج، يُبلغهم
رسالة ربه عز وجل ويقيم عليهم الحجة.
﴿وَقَدۡ أَخَذَ
مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾
[الحديد: 8] وأيضًا: الله قد أخذ ميثاقكم، حينما بايعتم الرسول صلى الله عليه وسلم،
على السمع والطاعة والاتباع. وهذا ميثاق بينكم وبين الله سبحانه وتعالى، فلماذا لا
تفوا بهذا الميثاق؟! كما قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ
يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوۡقَ أَيۡدِيهِمۡۚ
فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِمَا عَٰهَدَ
عَلَيۡهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا﴾
[الفتح: 10]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَمِيثَٰقَهُ ٱلَّذِي
وَاثَقَكُم بِهِۦٓ إِذۡ قُلۡتُمۡ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ﴾
[المائدة: 7].
وقيل:
المراد بالميثاق: العهد الذي أخذه الله على بني آدم، حين استخرجهم من صُلب أبيهم
آدم عليه السلام، وأَخَذ عليهم العهد أن يؤمنوا به، فعاهدوا الله سبحانه وتعالى
على ذلك.
ولكن
الأقرب - والله أعلم -: أن المراد: العهد الذي عاهدوا به الرسول صلى الله عليه
وسلم.
ولا يمنع أن يكون المراد العهدان: العهد السابق والعهد اللاحق ([1]).
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 218)، وزاد المسير (8/ 163)، وتفسير القرطبي (17/ 238).