×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

وهذا بخلاف المنافقين الذين يبايعون الرسول، وهم ليسوا مؤمنين، جُنَّة أي: سُترة، ﴿إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ ١ ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٢ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَفۡقَهُونَ ٣ [المنافقون: 1- 3].

﴿وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [الحديد: 8]، لا منافقين كالذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وشهدوا له بالرسالة نفاقًا وخداعًا.

ثم بَيَّن سببًا آخر يوجب عليهم الإيمان، فقال: ﴿هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۢ بَيِّنَٰتٖ [الحديد: 9]، والمُنزَّل هو القرآن الكريم والسُّنة النبوية، وفيهما البيان الواضح البَيِّن، والقرآن كله بَيِّن وواضح، وما كان منه مجملاً أو متشابهًا، فإنه يُوضِّح بعضه بعضًا، ويُفسِّر بعضه بعضًا، فهو بَيِّن وواضح ([1]). فالله أرسل الرسول وأنزل القرآن.

﴿لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ [الحديد: 9] هذه هي الحكمة في إنزال البينات ليُخرجكم بها من ظلمات الكفر والشرك وظلمات الجهل - إلى نور الإيمان والتوحيد، ومن ظلمات الجهل إلى نور العلم، ﴿وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ [الشورى: 52]، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُم بُرۡهَٰنٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ نُورٗا مُّبِينٗا [النساء: 174].

فالقرآن نور ﴿يَهۡدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ وَيُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ [المائدة: 16]. ﴿لِّيُخۡرِجَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ [الطلاق: 11].


الشرح

([1])  انظر: تفسير الطبري (27/ 219)، وزاد المسير (8/ 163)، وتفسير القرطبي (17/ 239).