وهذا
بخلاف المنافقين الذين يبايعون الرسول، وهم ليسوا مؤمنين، جُنَّة أي: سُترة، ﴿إِذَا جَآءَكَ
ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ
إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ ١ ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن
سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٢ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ
فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَفۡقَهُونَ ٣﴾ [المنافقون: 1- 3].
﴿وَقَدۡ أَخَذَ
مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾
[الحديد: 8]، لا منافقين كالذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وشهدوا له
بالرسالة نفاقًا وخداعًا.
ثم
بَيَّن سببًا آخر يوجب عليهم الإيمان، فقال: ﴿هُوَ ٱلَّذِي
يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۢ بَيِّنَٰتٖ﴾
[الحديد: 9]، والمُنزَّل هو القرآن الكريم والسُّنة النبوية، وفيهما البيان الواضح
البَيِّن، والقرآن كله بَيِّن وواضح، وما كان منه مجملاً أو متشابهًا، فإنه
يُوضِّح بعضه بعضًا، ويُفسِّر بعضه بعضًا، فهو بَيِّن وواضح ([1]).
فالله أرسل الرسول وأنزل القرآن.
﴿لِّيُخۡرِجَكُم
مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ﴾
[الحديد: 9] هذه هي الحكمة في إنزال البينات ليُخرجكم بها من ظلمات الكفر والشرك
وظلمات الجهل - إلى نور الإيمان والتوحيد، ومن ظلمات الجهل إلى نور العلم، ﴿وَلَٰكِن
جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ﴾ [الشورى: 52]، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ
قَدۡ جَآءَكُم بُرۡهَٰنٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ نُورٗا
مُّبِينٗا﴾ [النساء: 174].
فالقرآن نور ﴿يَهۡدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ وَيُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾ [المائدة: 16]. ﴿لِّيُخۡرِجَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ﴾ [الطلاق: 11].
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 219)، وزاد المسير (8/ 163)، وتفسير القرطبي (17/ 239).