×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

والذين أدركوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فآمنوا به وهم مؤمنون بما قبله - جمعوا بين الخيرين: الإيمان بالرسل السابقين، والإيمان بخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، فالله يؤتيهم أجرهم مرتين، ﴿أُوْلَٰٓئِكَ يُؤۡتَوۡنَ أَجۡرَهُم مَّرَّتَيۡنِ بِمَا صَبَرُواْ [القصص: 54]، فلهم الأجر مرتين: أجر على إيمانهم بالرسل السابقين وأجر على إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال الله لهم: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هذا خطاب للمؤمنين من أهل الكتاب: ﴿ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِۦ محمد صلى الله عليه وسلم، ﴿يُؤۡتِكُمۡ كِفۡلَيۡنِ مِن رَّحۡمَتِهِۦ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ نُورٗا تَمۡشُونَ بِهِۦ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ [الحديد: 28].

فالله لا يظلم أحدًا، فلم يعمم الحكم على أهل الكتاب كلهم، بل استثنى منهم أهل الإيمان وأهل الصدق.

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ [الحديد: 17] أي: لا تقنطوا من الهداية والتذكر بالقرآن، إذا راجعتم القرآن وتدبرتموه فإن الله يحيي قلوبكم بعد موتها، كما أن الله ينزل المطر على الأرض الميتة، فتحيا وتنبت النبات.

فلا ييأس الإنسان من الانتفاع بالقرآن إذا رجع إليه وتدبره، وإن كان من قبل غافلاً أو مفرطًا أو مضيعًا، فإنه إذا رجع إلى القرآن تاليًا ومتدبرًا وعاملاً به، فإنه يحيا قلبه، مَن أراد أن يحيا قلبه فليرجع إلى هذا القرآن.

﴿قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ [الحديد: 17]، الله بَيَّن الآيات القرآنية ووضحها وجَلاَّها لأهل البصائر وأهل العلم؛ لأنه كتاب متشابه، يُشْبِه بعضه بعضًا في أنه كله كلام الله سبحانه وتعالى، ويُشْبِه بعضه بعضًا في الحُسْن والبلاغة والفصاحة، فالقرآن كله متشابه من هذا الوجه: في


الشرح