وهذا
يشمل كل مَن خرج عن حدود الله؛ زاعمًا أن شريعة الله فيها ضيق وفيها حبس للحريات،
كما نسمع - الآن - من مقولات الكفار، والمنافقين، والذين في قلوبهم مرض!!
فعَكَس
الله عز وجل عليهم مرادهم، فقال: ﴿كُبِتُواْ﴾،
فعاملهم الله بنقيض قصدهم. والكبت هو: التضييق ([1]).
وإنزال المشقة عليهم؛ عقوبة لهم. أما شريعة الله فإنها شريعة سمحة، ﴿وَمَا جَعَلَ
عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ﴾
[الحج: 78] إنما الحرج والصعوبة في الخروج من الشريعة.
فالذي
يَخرج عن الشريعة بزعم أنه يريد الخروج من الضيق، ومن حبس الحريات، ومن كذا وكذا،
فالله عز وجل يوقعه في نقيض قصده؛ لأنه تَرَك الشريعة السمحة الطيبة التي فيها
الخير، فخرج إلى ضدها من الكفر والنفاق، وحصول شهواته المحرمة. وهذا في الحقيقة هو
الكبت!!
بخلاف
المؤمنين المتمسكين بالشريعة، فهم في راحة بال واطمئنان، وسَعة في الرزق وبركة.
ونجد
الخارجين عن الشريعة في كبت وتضييق على أنفسهم، ولا يهنئون بعيش، وعندهم منغصات
ومكدرات في نفوسهم؛ لذلك ينتحر بعضهم من شدة الضيق الذي يجده في نفسه، ولو كان
عنده سَعة من المال والأولاد، ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ
ٱلدُّنۡيَا﴾ [التوبة: 55]، فأموالهم
وأولادهم زيادة هموم لهم.
وهذا شيء واضح، أن مَن خرج عن شريعة الله وحاد الله ورسوله، وقع في كبت، وإن كان يزعم أنه في حرية وسعادة، فالله عز وجل جعله في كبت نفسي، لا يهنأ له عيش، ولا يهدأ له بال.
([1]) انظر: لسان العرب (2/ 76)، وتاج العروس (5/ 53)، ومقاييس اللغة (5/ 152).