فالإنسان
في هذه الحياة يتوقى الأشياء التي تضره، وهذا شيء بطبيعة الإنسان، إذن لماذا لا
يتوقى ما هو أخطر، وهو عذاب الله عز وجل في الآخرة؟! بأن يتخذ من طاعة الله وطاعة
رسوله ما يقيه من غضب الله وعقابه، وذلك بفعل ما أَمَر الله به، وتَرْك ما نهى
الله عنه، فإن هذا هو الذي يقي العبد من العذاب يوم القيامة، لا تقيه الدروع
والحصون، والأموال، والأولاد والجنود، لا تقيه يوم القيامة، لا يقيه إلاَّ تقوى
الله، فليتخذ هذه الوقاية؛ استعدادًا لما يلاقيه في الدار الآخرة، ﴿يَوۡمَ لَا
يَنفَعُ مَالٞ وَلَا بَنُونَ ٨٨ إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ ٨٩﴾ [الشعراء: 88- 89].
﴿وَلۡتَنظُرۡ
نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ﴾،
اللام لام الأمر، ﴿نَفۡسٞ﴾،
أي نفس، تنظر أعمالها التي قدمتها للآخرة، فإن كان خيرًا فليتزود الإنسان منه، وإن
كان شرًّا فليتب إلى الله سبحانه وتعالى، ما دام يمكنه التوبة في هذه الدنيا،
وليحاسب نفسه على عمله؛ لأنه لا يجد يوم القيامة إلاَّ ما قَدَّم لنفسه من خير أو
شر.
وسَمَّى
الله يوم القيامة غدًا، وهو: ما بعد اليوم؛ لقربه وقرب وقوعه، وذلك لأنه ليس بين
الإنسان وبين أن يلقى عمله إلاَّ أن يموت، والموت لا يَعلم وقته إلاَّ الله سبحانه
وتعالى، فإذا مات الإنسان انقطع عمله، فلينظر ما قَدَّم لغده.
﴿وَٱتَّقُواْ
ٱللَّهَۚ﴾، كرر التقوى لأهميتها.
﴿إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ﴾ [الحشر: 18] مُطَّلِع عليكم عالِم بأعمالكم، لا يخفى عليه شيء، ولا يضيع لديه شيء، كل عمل مسجل ومحفوظ، وستلاقيه يوم القيامة؛ كما جاء في الحديث القدسي من قول رب العزة سبحانه وتعالى: «يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ