×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلاَ يَلُومَنَّ إلاَّ نَفْسَهُ» ([1]).

فأنت وإن غَفَلْتَ ونَسِيتَ، فإن الله لا ينسى، بل يحصي أعمال عباده، ﴿يَوۡمَ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوٓاْۚ أَحۡصَىٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ [المجادلة: 6].

ثم قال عز وجل: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ [الحشر: 19]، لما أَمَر بالتقوى نهى عن ضدها، وهو: أن ينسى العبد ربه، ولا يذكره، ولا يخاف منه ولا يرجوه. فهذا هو النسيان، فليس المراد النسيان الذي لا يُؤاخَذ به صاحبه. بل المراد: النسيان الذي هو الإهمال وعدم المبالاة، وإلا فهو لم يَنْسَ ولم يَذْهَل، وإنما هذا إهمال مُتعمَّد منه، وعدم مبالاة في حق الله سبحانه وتعالى.

﴿نَسُواْ ٱللَّهَ، أي: نَسُوا حق الله عليهم، ﴿فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ فعاقبهم الله عز وجل، بأن أنساهم أنفسهم، فلم يُقدِّموا لها خيرًا.

لأن الجزاء من جنس العمل، فكما أنهم نَسُوا حق الله عليهم، أنساهم الله حق أنفسهم على الله، وذلك بالعمل الصالح الذي به سعادتهم ونجاتهم وفلاحهم في الدار الآخرة، فعاشوا في هذه الدنيا مضيعين لدينهم، مضيعين لطاعة الله، مرتكبين محارم الله؛ لأنهم نَسُوا أن يُقدِّموا لأنفسهم ما يقيهم من عذاب الله سبحانه وتعالى.

وهذا دليل على: أن الإنسان يعمل لنفسه، فإِنْ عَمِل صالحًا فلنفسه، وإن أساء فعليها.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2577).